للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَإِن قَالَ: لَا أقطعه، وأضمنه قيمَة كل مَا سرق من كل إِنْسَان مِنْهُم؟ خرج من قَول جَمِيع الْأمة، وَخَالف نَص كتاب ربه فِي دراءة الْقطع عَن السَّارِق الَّذِي لَا خلاف بَين الْأمة فِي وجوب الْقطع عَلَيْهِ.

وَإِن قَالَ: أقطعه، وأضمنه قيمَة كل مَا سرق لكل إِنْسَان مِنْهُم مِمَّا هُوَ مستهلك؟ نَاقض فِي ذَلِك من قَوْله؛ لِأَن من قَوْله: إِن السَّارِق إِذا قطع لم يلْزمه غرم مَا قد اسْتَهْلكهُ مِمَّا سرق، فَقطع فِيهِ. وَهُوَ لَا شكّ إِنَّمَا قطع فِي بعض السرقات الَّتِي رفع فِيهَا أَو فِي جَمِيعهَا، وَفِي غَيرهَا؟

وَأي ذَلِك كَانَ فِيهِ الْقطع، فقد وَجب على قَوْله سُقُوط غرم مَا قطع فِيهِ من ذَلِك، وَفِي تَضْمِينه قيمَة جَمِيعه الْبَيَان الْبَين أَنه قد نَاقض وَترك قَوْله بإلزامه غرم قيمَة مَا قد استهكله، مَعَ قطعه إِيَّاه فِيهِ.

وَفِي خُرُوج قَوْله من الصِّحَّة بِمَا ذكرنَا الدَّلِيل الْوَاضِح على أَن قطعه لجَمِيع السرقات الَّتِي سرق قبل الْقطع، وَألا ضَمَان عَلَيْهِ لشَيْء اسْتَهْلكهُ من سرقاته الَّتِي سَرَقهَا قبل ذَلِك.

وَكَذَلِكَ القَوْل فِي شرب الْخمر، وَسَائِر مَا يجب فِيهِ الْحَد الَّذِي هُوَ من حُدُود الله تَعَالَى ذكره الَّتِي لَا حق فِيهَا لآدَمِيّ.

وَفِي هَذَا الْخَبَر - أَيْضا - الدّلَالَة الْبَيِّنَة على صِحَة قَول الْقَائِلين: إِن الْمُحَارب من أهل الْإِسْلَام إِذا أقيم عَلَيْهِ حد الله الَّذِي أوجب على الْأَئِمَّة إِقَامَته عَلَيْهِ فِي نَفسه، أَنه لَا يتبع بِشَيْء مِمَّا اسْتهْلك فِي حَال حرابته وتلصصه من مَال من قطع عَلَيْهِ الطَّرِيق؛ فَأخذ مَاله، وَذَلِكَ أَن الْمُحَارب الَّذِي وَصفنَا أمره لص، كَمَا السَّارِق مَال غَيره مستخفيا بسرقته لص سَارِق.

وَفِي عُمُوم قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " السَّارِق إِذا أقيم عَلَيْهِ الْحَد فَلَا غرم عَلَيْهِ "؛ كل سَارِق: الْبَيَان الْبَين أَن ذَلِك حكم الْمُحَارب، وَغَيره من السراق.

<<  <   >  >>