للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَغير جَائِز تَفْضِيل بَهِيمَة على من ذكرنَا من فرسَان الْمُؤمنِينَ، وَذَوي شجاعتهم وبسالتهم فِي السِّهَام {

وَيُقَال لقائلي ذَلِك: أَرَأَيْتُم تسويتكم بَين الرجل الشجاع الباسل المجرب من أهل الْإِيمَان، وَبَين بَهِيمَة من الْبَهَائِم الَّتِي إِنَّمَا هِيَ أَدَاة لَهُ فِي حربه، كبعض أدواته من رمحه، وسيفه، وترسه، وَغير ذَلِك من أدواته، وآلاته الَّتِي يَسْتَعِين بهَا على عدوه: فِي السِّهَام} أَمن جِهَة الْأَثر؟ أم من جِهَة النّظر؟ فَإِن زَعَمُوا أَنهم فعلوا ذَلِك من جِهَة النّظر {

قيل: وَأي نظر أداكم إِلَى ذَلِك؟ وَكَيف أوجبتم لفرسه - وَهِي أَدَاة من أدواته سَهْما من الْمغنم، إِن لم يكن ذَلِك من جِهَة، الْأَثر، وَلم يوجبوا لسيفه، وسنانه، وجنته مثل الَّذِي أوجبتم لَهُ، فقد علمْتُم أَن ذَلِك فِي بعض الْأَحْوَال أغْنى عَنهُ من فرسه}

وَهل بَيْنكُم وَبَين من أوجب لسيفه، وترسه من السِّهَام مثل الَّذِي أوجبتم لفرسه - إِن كَانَ وَجب ذَلِك - من جِهَة النّظر؟

فَإِن قَالُوا: إِن ذَلِك، وَإِن كَانَ كَذَلِك، فَإِن الْأمة مجمعة على أَلا سهم لشَيْء مِمَّا ذكرت فِي الْغَنِيمَة، وَأَن للْفرس سَهْما؛ فَلذَلِك فرقنا بَين أَحْكَام ذَلِك {

قيل: فقد وضح لكم بِمَا ذكرْتُمْ: أَن الَّذِي جعل للْفرس من الْمغنم، لم يَجْعَل لَهُ من وَجه النّظر، وَلَا لغنائه عَن صَاحبه}

وَأَن ذَلِك إِنَّمَا وَجب لَهُ بِإِيجَاب الله - تَعَالَى ذكره - على لِسَان رَسُوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَهَل من أثر عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثَابت غير مَدْخُول بِمَا قُلْتُمْ من أَن سهم الْفرس فِي الْمغنم الَّذِي لَا يُزَاد عَلَيْهِ: سهم وَاحِد دون سَهْمَيْنِ؟ فَلَنْ يقدر على دَعْوَى ذَلِك، لأَنهم إِن ادعوهُ لم يخف على ذِي الْمعرفَة أَنهم مبطلون! وَإِن سَأَلنَا مِنْهُم سَائل، فَقَالَ: فَمَا الْمَعْنى الَّذِي من أَجله أوجبتم - إِن لم تكن إِلَّا من الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِك كَالَّذي قُلْنَا - للفارس ثَلَاثَة أسْهم، أَمن جِهَة قِيَاس؟

<<  <   >  >>