الصَّدَقَة، ثمَّ يلتبس عَلَيْهِ أمره، وَأُمُور كَثِيرَة غير ذَلِك من أُمُور الدّين. وَأَن الْعَمَل فِي كل ذَلِك وَاحِد فِي أَنه إِن أعَاد، وَقضى فبالاحتياط أَخذ، وَإِن هُوَ عمل بالأغلب من علمه فِيهِ متحريا بذلك الصَّوَاب، فقد أصَاب، وَإِن تساهل فِيهِ وَتَركه قضى مَا يرى أَنه قد عمله مِمَّا هُوَ على غير يَقِين من تضييعه، فمعذور غير ملوم، وَإِن كَانَ تَارِكًا الِاحْتِيَاط وَالِاخْتِيَار، للْأَخْبَار الَّتِي ذَكرنَاهَا عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْوَارِدَة عَنهُ بالمعاني الثَّلَاثَة فِي حكم الشاك فِيمَا قضى، وَفِيمَا بَقِي عَلَيْهِ من عدد صَلَاة هُوَ فِيهَا على مَا رويناها عَنهُ.
فَإِن قَالَ قَائِل: فَمَا أَنْت قَائِل فِيمَا على من شكّ فِي عدد صَلَاة هُوَ فِيهَا، فَبنى على الْيَقِين أَو تحرى، فَبنى على أَكثر رَأْيه فِيهَا، أَو بنى على أَكثر ذَلِك، مَتى يجب عَلَيْهِ أَن يسْجد لشكه فِي ذَلِك وسهوه؟ .
فقد علمت أَن خبر عبد الرَّحْمَن وَارِد بِأَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَمر فِيهَا بِالسُّجُود قبل السَّلَام، وَالْبناء على الْيَقِين لَا شكّ أَنه إِن لم يكن زِيَادَة فِي صَلَاة الْبَانِي، فَغير نُقْصَان مِنْهَا؟ وَمن قَوْلك أَن السُّجُود قبل السَّلَام إِنَّمَا يجب فِي نُقْصَان مِنْهَا لَا فِي زِيَادَة؟ وَأَن خبر ابْن مَسْعُود وَارِد بِأَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَمر بِالسُّجُود فِي ذَلِك بعد السَّلَام؟
قيل: القَوْل فِي ذَلِك عندنَا نَظِير القَوْل فِيمَا بَينا من أَمر الشاك فِي صلَاته على مَا قد بَينا، وَهُوَ أَن ذَلِك إِعْلَام من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن للزائد فِي صلَاته سَاهِيا الْخِيَار فِي سُجُوده لسَهْوه بَين أَن يسجده قبل السَّلَام، وَبَين أَن يسجده بعد السَّلَام، لَا إِيجَاب مِنْهُ سُجُوده قبل السَّلَام.
وَذَلِكَ أَنه لما كَانَ صَحِيحا عَنهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْأَمْرَانِ كِلَاهُمَا - أَعنِي سُجُوده فِي السَّهْو فِي الصَّلَاة فِي الزِّيَادَة بعد السَّلَام، فِي حَال، وَأمره بِالسُّجُود فِيهَا فِي الزِّيَادَة بعد السَّلَام وَقَبله فِي أُخْرَى؛ علم