للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَأوجب - جلّ ثَنَاؤُهُ - على الْمُسلمين قطع يَده، وَلم يَأْمُرهُم بتغريمه قيمَة مَا سرق مِمَّا قد اسْتهْلك مِنْهُ، وَلَو كَانَ ذَلِك لَهُ لَازِما لَكَانَ قد عرف عباده لُزُومه ذَلِك، كَمَا عرفهم وجوب الْقطع عَلَيْهِ: إِمَّا بِنَصّ التَّنْزِيل أَو بِحكم الرَّسُول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَفِي تَركه تعريفهم وجوب ذَلِك عَلَيْهِ بِبَعْض مَا ذكرنَا الدّلَالَة الْوَاضِحَة على أَن ذَلِك عَلَيْهِ غير وَاجِب.

فَإِن ظن ظان أَن فِي بَيَان الله - تَعَالَى ذكره - على لِسَان رَسُوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حكم الْغَاصِب مَال أَخِيه الْمُسلم المستهلكه عَلَيْهِ الْكِفَايَة من بَيَان الحكم فِي السَّارِق الْمُسْتَهْلك مَا سرق، إِذا قطعت يَده، إِذْ كَانَ الله - جلّ ثَنَاؤُهُ - قد جعل مَا أوضح بَيَانه بِالنَّصِّ الْمُحكم دَلِيلا على نَظَائِره مِمَّا خَفِي فقد أغفل. وَذَلِكَ أَن ذَلِك لَو كَانَ كَمَا ظن لوَجَبَ أَن يكون حكم المحكمة من أهل الْإِسْلَام إِذا غلبوا على مَال العدلى فاستهلكوه، ثمَّ ظهر عَلَيْهِم أهل الْعدْل مَضْمُونا على مستهلكه مِنْهُم؛ لِأَن أَخذهم مَا أخذُوا من ذَلِك واستهلاكهم مَا استهلكوا مِنْهُ بِغَيْر حق أوجب ذَلِك لَهُم، بل كَانَ ذَلِك مِنْهُم على وَجه التَّعَدِّي وَالظُّلم.

وَفِي إِجْمَاع الْجَمِيع على أَنهم بذلك غير متبعين وَلَا مظلومين بِهِ فِي عَاجل الدُّنْيَا، الدَّلِيل الْوَاضِح على أَن الْأَمر فِيمَا ظن من أَن حكم السَّارِق فِي لُزُومه ضَمَان قيمَة مَا اسْتهْلك من سَرقته بعد قطع يَده حكم الْغَاصِب الْمُسْتَهْلك مَال غَيره، إِلْحَاقًا مِنْهُ حكمه بِحكمِهِ.

وَيُقَال للمعتل بِمَا ذكرنَا فِي تضمين السَّارِق بعد قطع يَده قيمَة مَا اسْتهْلك من السّرقَة من حكم الْغَاصِب الْمُسْتَهْلك مَال غَيره مَا قلت فِي حَرْبِيّ غلب مُسلما على مَال لَهُ فِي حَال حربه ثمَّ أسلم، وَفِي يَده مِمَّا غلب الْمُسلم عَلَيْهِ بعض، وَبَعض قد اسْتَهْلكهُ، أيتبع مِمَّا كَانَ قد اسْتهْلك مِنْهُ قبل حَال إِسْلَامه أم لإتباعه للْمُسلمِ قبله فِي ذَلِك؟ ".

وَقد علمت أَنه لَا ظَالِم وَلَا غَاصِب أظلم مِمَّن جمع مَعَ غصبه

<<  <   >  >>