وَصفته باللؤم وَالْبخل بجمود الْكَفّ، فَتَقول: إِنَّه لجامد الْكَفّ، وَمَا يندى كَفه بِخَير، وَإنَّهُ لحجر صلد - تَعْنِي بِهِ - أَنه لَا يُرْجَى نائله، وَلَا يطْمع فِي معروفه، كَمَا لَا يُرْجَى من الْحجر الصلد مَا يشرب.
يُقَال من ذَلِك - إِذا وصل الرجل رَحمَه بمعروفه - بل فلَان رَحمَه، فَهُوَ يبلها بِلَا وبلالا. وَمِنْه قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لبني عبد الْمطلب - إِذْ أنزلت عَلَيْهِ {وأنذر عشيرتك الْأَقْرَبين} : " يَا بني عبد الْمطلب، إِنِّي لَا أُغني عَنْكُم من الله شَيْئا، غير أَن لكم رحما سَأَبلُّهَا بِبلَالِهَا ".
وَمِنْه قَول أعشى بن ثَعْلَبَة:
(بِالْخَيْلِ شعثا مَا تزَال جيادها ... حسرى تغادر بِالطَّرِيقِ سخالها)
(أما لصَاحب نعْمَة طرحتها ... ووصال رحم قد نضحت بلالها)
وَقَالَ بَعضهم: إِنَّمَا عني بقوله: " بلوا أَرْحَامكُم، وَلَو بِالسَّلَامِ ": صلوها وَلَو بِالسَّلَامِ. قَالَ: وَإِنَّمَا ذَلِك تَشْبِيه من النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلَة الرجل رَحمَه بالنَّار يصب عَلَيْهَا المَاء فتطفأ.
قَالَ: فَكَذَلِك بر الرجل بِأَهْل رَحمَه، منع مِنْهُ رَحمَه من الْقطع.
وَالصَّوَاب - عِنْدِي - مَا يثبت من أَن مَعْنَاهُ: صلوها بمعروفكم وَلَو أَن تصلوها بِالسَّلَامِ. والبل: هُوَ الترطيب، والتندية بِالْمَعْرُوفِ. وَأما قَول كَعْب: " أحرج على كل رجل مِنْكُم " فَإِنَّهُ يَعْنِي بقوله: أحرج: أضيق. وَأَصله من الحرجة، وَهِي: الشّجر الْكثير الملتف بعضه بِبَعْض يمثل الْعَرَب بِهِ كل شَيْء ضيق.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute