فَإِن قَالَ: نعم. خَالف بذلك من قَوْله قَول جَمِيع عُلَمَاء الْأمة. وَإِن قَالَ: لَا. قيل لَهُ: فقد فرقت بَين حكم مَا كَانَ مَوْجُودا من ذَلِك فِي يَده بعد إِسْلَامه، وَمَا كَانَ مُسْتَهْلكا مِنْهُ! فَمَا أنْكرت أَن يكون كَذَلِك حكم مَا كَانَ من السّرقَة مَوْجُودا فِي يَد السَّارِق بعد قطع يَده مُخَالفا حكم مَا كَانَ مِنْهُ مُسْتَهْلكا بِأَن يكون مَا كَانَ مِنْهُ مَوْجُودا فِي يَده مأخوذا مِنْهُ، وَمَا كَانَ مِنْهُ مُسْتَهْلكا فَلَا غرم عَلَيْهِ فِيهِ. ثمَّ سُئِلت الْفرق بَين ذَلِك من أصل أَو قِيَاس؟ فَمَا يَقُول فِي شَيْء من ذَلِك قولا إِلَّا ألزم فِي غَيره مثله. وَفِي هَذَا الْخَبَر أَيْضا الدّلَالَة الْوَاضِحَة على أَن الْقَائِم من السّرقَة فِي يَد السَّارِق مَأْخُوذ مِنْهُ، وَإِن قطع؛ وَذَلِكَ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا أقيم على السَّارِق الْحَد فَلَا غرم عَلَيْهِ ". وَالْغُرْم إِنَّمَا هُوَ غرم مَا اسْتَهْلكهُ أَو قِيمَته؛ وَذَلِكَ أَنه لَا يُقَال: غرم فلَان لفُلَان شَيْئا. بِمَعْنى: رد عَلَيْهِ مَا أَخذه مِنْهُ بِعَيْنِه. وَإِنَّمَا يُقَال: غرم لَهُ مَا اسْتَهْلكهُ عَلَيْهِ. فَإذْ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّمَا أَزَال عَنهُ بِالْقطعِ الْغرم فمعلوم أَن مَا لَا يسْتَحق أَن يُقَال: إِذا أَخذ مِنْهُ من مَال الْمَسْرُوق مِنْهُ الْمَوْجُود قَائِما فِي يَده غرمه أَنه مَأْخُوذ مِنْهُ.
وَبِالَّذِي قُلْنَا من ذَلِك قَالَ السّلف من أهل الْعلم، وَأجْمع عَلَيْهِ مِنْهُم الْخلف.
(" ذكر بعض من حَضَرنَا ذكره مِمَّن قَالَ ذَلِك من السّلف ")
١٥٩ - حَدثنَا ابْن أبي الشَّوَارِب، قَالَ: حَدثنَا عبد الْوَاحِد، قَالَ: حَدثنَا سُلَيْمَان الشَّيْبَانِيّ، قَالَ: سَمِعت عَامِرًا يَقُول: " السَّارِق يقطع، وَيُؤْخَذ مَا وجد عِنْده من الْمَتَاع بِعَيْنِه ".
١٦٠ - وَحدثنَا أَبُو همام، قَالَ: حَدثنَا هشيم، قَالَ: أخبرنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute