غَيره، وَلَكِن بَعْضهَا عَام، وَبَعضهَا خَاص ( {) فَقَوْل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي خبر الزبير الَّذِي ذكرنَا عَنهُ، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَعَن من وَافقه فِي رِوَايَته عَنهُ، أَنه قَالَ: " غيروا الشيب، وَلَا تشبهوا باليهود ".
عَام الْمخْرج، وَالْمرَاد مِنْهُ: الْخُصُوص (} )
وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ: غيروا الشيب الَّذِي هُوَ نَظِير شيب أبي قُحَافَة، الَّذِي قد صَار رَأس من بِهِ ذَلِك ولحيته كالثغامة بَيَاضًا.
فَأَما من كَانَ أشمط أَو كَانَ شعره مخلسا، فَهُوَ الَّذِي قَالَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ولأمثاله: " لَا تغيرُوا هَذِه الشيبة " ( {)
وَقَالَ: " من شَاب شيبَة فِي الْإِسْلَام كَانَت لَهُ نورا يَوْم الْقِيَامَة، إِلَّا أَن ينتفها، أَو يخضبها " (} ) وهم الَّذين كره لَهُم تَغْيِير شيبهم.
فَإِن قَالَ قَائِل: وَمَا الدَّلِيل على أَن ذَلِك مَعْنَاهُ؟
قيل لَهُ: الدَّلِيل على ذَلِك مَا قد بَينا فِي غير مَوضِع من كتبنَا: أَنه غير جَائِز أَن يكون من النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَولَانِ متضادان، وأمران فِي شَيْء وَاحِد، فِي حَالَة وَاحِدَة متنافيان {وَأَن يَأْمر بأمرين، وَفِي وَقْتَيْنِ مُخْتَلفين، كل وَاحِد مِنْهُمَا مُخَالف صَاحبه، إِلَّا على وَجه نسخ أَحدهمَا صَاحبه}
وَإِذ كَانَ غير جَائِز أَن يكون ذَلِك إِلَّا كَذَلِك، كَانَ غير جَائِز أَن يكون النَّاسِخ مِنْهُمَا إِلَّا مَعْلُوما عِنْد أمته من الْمَنْسُوخ {
فَإذْ كَانَ الْأَمر كَذَلِك، وَكَانَت الْأَخْبَار قد وَردت عَنهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِنَقْل الْعُدُول: أَنه أَمر بتغيير الشيب، وَأَنه نهى عَن تَغْيِيره (} ) وَكَانَ مَعْلُوما أَن الْأَمر وَالنَّهْي غير جَائِز اجْتِمَاعهمَا فِي حَال وَاحِدَة عَن شَيْء وَاحِد، وَأَن أَحدهمَا لَو كَانَ نَاسِخا صَاحبه، كَانَ ذَلِك مُبينًا أوقاتهما، ليعلم الَّذِي على النَّاس من ذَلِك، فيعملوا بِهِ، وينتهوا إِلَيْهِ، علم أَن القَوْل فِي ذَلِك كَالَّذي قلت، وَأَن الَّذين اخْتَارُوا تَغْيِير
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute