للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فارغة فَهُوَ فجوة. وَمِنْه قَول الله - عز وَجل -: {وهم فِي فجوة مِنْهُ} يَعْنِي فِي نَاحيَة فسيحة خَالِيَة.

وَأما قَول عَليّ وَعُثْمَان " وادرأ مَا اسْتَطَعْت ": فَإِن مَعْنَاهُ: وادفع مَا اسْتَطَعْت من أَرَادَ أَن يمر بَين يَديك. يُقَال مِنْهُ: درأت عَن فلَان كَذَا، أدرأه عَنهُ دَرأ: إِذا دَفعه عَنهُ. وَمِنْه قَول الله - تَعَالَى ذكره -: " ويدرأ عَنْهَا الْعَذَاب ": يَعْنِي بِهِ: وَيدْفَع عَنْهَا الْعَذَاب.

وَأما قَول ابْن عَبَّاس: " جِئْت رَاكِبًا على أتان، وَقد ناهزت الْحلم ". فَإِن معنى قَوْله: وَقد ناهزت الْحلم: دَنَوْت مِنْهُ وقاربته. وأصل النهز: التَّنَاوُل. وَمِنْه قيل للرجل يتَنَاوَل حَاجته عِنْد تمكنه مِنْهَا: انتهز فرصته. وَمِنْه قَول سُؤْر الذِّئْب: ناهزت سُؤْر الذِّئْب عَنهُ الذئبا.

يَعْنِي: تناولته مِنْهُ وغلبته عَلَيْهِ.

وَأما قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الْكَلْب الْأسود البهيم شَيْطَان ". فَإِنَّهُ يَعْنِي بالبهيم: الَّذِي لَا يخالط لَونه شَيْء غير السوَاد. وكل شَيْء أسود لم يخالط لَونه غير السوَاد، فَهُوَ أسود بهيم. وَمن ذَلِك قَول الشَّاعِر فِي صفة ليل سَواد، لَا ضوء فِيهِ:

(تطاول ليلك الجون البهيم ... فَمَا ينجاب عَن صبح صريم)

وَأما قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " فَجعل ينكه فِي وَجْهي كنكه القرد ": فَإِن النكه: هُوَ مَا يظْهر من بدن الْإِنْسَان من رَائِحَة الطَّعَام أَو الشَّرَاب من قبل فِيهِ كَهَيئَةِ الجشاء. وَمِنْه قَول عبد الله بن مَسْعُود حِين أُتِي بشارب، فَقَالَ: " استنكهوه، ومزمزوه ": يَعْنِي بقوله:

<<  <   >  >>