للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

واشتدت. وجاشت الْقدر: إِذا هِيَ فارت غليا، فَهِيَ تجيش جَيْشًا، وجيشة.

والجيشة: الْمرة الْوَاحِدَة. مثل الغلية. وَمِنْه قَول الشَّاعِر:

(تجيش علينا قدرهم فنديمها ... ونفثؤها عَنَّا إِذا حميها غلا)

وَأما قَوْله: " كَمَا حمل فاضطلع ". فَإِنَّهُ يَعْنِي بقوله: " فاضطلع ": فأطاق حمله، واستقل بِهِ، وَقَوي عَلَيْهِ. يُقَال مِنْهُ: إِن فلَانا مضطلع بِهَذَا الْأَمر: إِذا كَانَ قَوِيا عَلَيْهِ. وَمِنْه قَول الْأَعْشَى فِي مدح هَوْذَة بن عَليّ الْحَنَفِيّ:

(قد حملوه حَدِيث السن مَا حملت ... ساداتهم فأطاق الْحمل واضطلعا)

يَعْنِي بقوله: اضطلع: احْتمل، وَقَوي عَلَيْهِ.

وَأما قَوْله: " حَتَّى أورى قبسا لقابس ". فَإِنَّهُ يَعْنِي بقوله: أورى: أظهر، وأوضح، وأنار، وأضاء. من قَوْلهم: أورى فلَان من زنده النَّار: إِذا أظهرها، فَهُوَ يوريها إيراء. وَمِنْه قَول أعشى بني ثَعْلَبَة:

(وَلَو رمت فِي ظلمَة قادحا ... حَصَاة بنبع لأوريت نَارا)

يَعْنِي بقوله: لأوريت: لأظهرت. وَأما القبس: فَإِنَّهُ الشعلة من النَّار. وَأما القابس: فَإِنَّهُ المستشعل. وَمِنْه قَول الله - تَعَالَى ذكره - مخبرا عَن قَول مُوسَى صلوَات الله عَلَيْهِ لأَهله: {لعَلي آتيكم مِنْهَا بقبس} .

وَإِنَّمَا جعل عَليّ - رضوَان الله عَلَيْهِ - الْحق الَّذِي جَاءَ بِهِ نَبينَا مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من الْإِسْلَام وشرائعه، وَالْقُرْآن وَحكمه مثلا للقبس يقتبسه المقتبس. فَجعل ذَلِك فِي نوره، وبرهانه، وضيائه لمن

<<  <   >  >>