وَالْعَمَل بِرِوَايَة كل وَاحِد مِنْهُمَا فِي ذَلِك؛ إِذْ كَانَا قد تعادلا فِي القناعة، وَالرِّضَا، وَالْعَدَالَة: عِنْد من جعل خبر عبد الله بن عمر، وَخبر مُحَمَّد بن عِيسَى هما الْحجَّة فِي أَلا يُزَاد الْفَارِس على سَهْمَيْنِ من جِهَة الْأَثر، إِذْ كُنَّا لَا نعلم المحق مِنْهُمَا فِيمَا روى، من الْمُبْطل، ونلتمس حجَّة يجب علينا بهَا الْعَمَل فِي سهم الْفَارِس وفرسه: إِمَّا من جِهَة الْأَثر، وَإِمَّا من جِهَة النّظر {
وَقَالُوا: النّظر الَّذِي أدانا إِلَى قَول ذَلِك: هُوَ أَنه لَا خلاف بَين جَمِيع الْأمة أَن الْفَارِس إِنَّمَا لَهُ من الْغَنِيمَة مثل مَا للراجل، وَهُوَ سهم وَاحِد؛ إِذْ كَانَا متعادلين فِي الْمَعْنى الَّذِي بِهِ اسْتحق كل وَاحِد مِنْهُمَا مَا اسْتحق من الْغَنِيمَة. وَإِنَّمَا الِاخْتِلَاف بَينهمَا فِي سهم الْفرس،
فَمن قَائِل: لَهُ سَهْمَان.
وَمن قَائِل: لَهُ سهم وَاحِد {
قَالُوا: فَلم يجز لنا أَن نزيد على سهم رجل مُؤمن من الْغَنِيمَة، إِذْ لم يكن أَكثر غنى عَن الْمُسلمين، وَهُوَ بَهِيمَة من رجل مجرب مِنْهُم}
قَالُوا: وَلَو جَازَ لنا أَن نزيده على السهْم الْوَاحِد، فنفضل بعض مَا كَانَ لَهُ نفع وغنى عَن الْمُسلمين فِي معركة الْحَرْب: كَانَ أولى ذَلِك بِالزِّيَادَةِ الرجل الشجاع الْمَعْرُوف بالبسالة، الَّذِي يقوم مشهده فِي الْحَرْب مشْهد خلق كثير من الضُّعَفَاء والجبناء، وَلَكِن الله - تَعَالَى ذكره - سوى فِي قسْمَة مَا أَفَاء عَلَيْهِم بالإيجاف بَين أشجعهم، وأبسلهم، وأضعفهم، وأخورهم، وأجبنهم، فَلم نفضل أحدا مِنْهُم على أحد فِيهِ.
قَالُوا: فَإذْ كَانَ حكم الله - تَعَالَى ذكره - فِي عباده الْمُؤمنِينَ ذَلِك،