ذَلِك فِي كتَابنَا الْمُسَمّى: " جَامع الْبَيَان عَن تَأْوِيل آي الْفرْقَان ". غير أَنا نذْكر فِي هَذَا الْموضع بعض ذَلِك:
فَقَالَ بَعضهم: ذَلِك كَمَا تَقول الْعَرَب: قلبت الْأَمر ظهرا لبطن: إِذا تدبره، وفكر فِيهِ، وتأمله.
وَقَالَ آخَرُونَ: الظّهْر: هُوَ مَا سمي تِلَاوَة، والبطن: المُرَاد بِهِ.
وَقَالَ آخَرُونَ: الظّهْر: مَا جَاءَ مِنْهُ خَبرا، والبطن: الْمَعْنى المُرَاد بِهِ.
وَذَلِكَ كَخَبَر الله تَعَالَى ذكره عَمَّن أهلك من الْأُمَم. وَمَعْنَاهُ: تحذير المخبرين بِهِ. وَمَا جَاءَ أمرا، وَالْمرَاد بِهِ الْوَعيد، والتهديد، كَقَوْل الله تَعَالَى ذكره: {ذرهم يَأْكُلُوا ويتمتعوا ويلههم الأمل، فَسَوف يعلمُونَ} .
وَكَقَوْلِه: {ليكفروا بِمَا آتَيْنَاهُم، وليتمتعوا فَسَوف يعلمُونَ} .
وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ كل آيَة جَاءَت عَاما فِي نوع أَو جنس، وَمَعْنَاهَا: الْخُصُوص.
وَأولى الْأَقْوَال فِي ذَلِك - عندنَا - بِالصَّوَابِ فِي هَذَا الْموضع: أَن يُقَال: معنى الظّهْر فِيهِ: مَا فِيهِ من الْأَمر وَالنَّهْي اللَّذين امتحن الله بهما عباده. والبطن: ثَوَاب الله - تَعَالَى ذكره - الْعَامِل بِطَاعَتِهِ فِيمَا أمره بِهِ فِيهِ، وعقابه على الْعَمَل بِمَا نَهَاهُ الله عَنهُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا امتحان فِي الْآخِرَة، فَتكون بالعباد حَاجَة - هُنَاكَ - إِلَى معرفَة ظَاهره، وَعلم تَأْوِيله، أَو عَامه وخاصه، أَو وعده ووعيده؛ لِأَنَّهَا دَار جَزَاء، لَا دَار عمل، وَإِنَّمَا حَاجَة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute