السّمع وهم هَكَذَا وَاحِد فَوق الآخر وَأَشَارَ سُفْيَان بِأُصْبُعَيْهِ وَرُبمَا أدْرك الشهَاب المستمع فيحرقه وَرُبمَا لَا يُدْرِكهُ حَتَّى يَرْمِي إِلَيْهِ بِهِ إِلَى الَّذِي أَسْفَل مِنْهُ ويرميه الآخر على من هُوَ أَسْفَل مِنْهُ فيلقيه على فَم السَّاحر أَو الكاهن فيكذب مَعهَا مائَة كذبة فَيُقَال أَلَيْسَ قد قَالَ يَوْم كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا فوجدناه حَقًا فَيصدق بِالْكَلِمَةِ الَّتِي سَمِعت من السَّمَاء
وَأعلم أَن هَذَا الْخَبَر مِمَّا تقدم تَأْوِيله وَمِمَّا بَينا أَنه إِنَّمَا أثبت الصلصلة للسماء وَبَين فِي خبر آخر أَن صَوت الْمَلَائِكَة بأجنحتها خضعانا لقَوْله كَأَنَّهَا سلسلة على صَفْوَان وَلم يتَضَمَّن هَذَا الْخَبَر شَيْئا مِمَّا ترْجم بِهِ الْبَاب من قَوْله إِن كَلَام الله متواصل لَا سكت بَينه وَلَا صمت وَإِنَّمَا ذَلِك توهم مِنْهُ بِرَأْيهِ الْفَاسِد وَلَو اسْتعْمل مَا قدم فِي أول كِتَابه من وعده أَنه لَا يتَعَدَّى لفظ الْخَبَر وَمَا نطق بِهِ الْكتاب وَلَا يزِيد فِيهِ من عِنْد نَفسه لإستراح من هَذَا الْغَلَط وأراح مقلديه فِيهِ
وَقد بَينا فِيمَا قبل أَن معنى ذَلِك رَاجع إِلَى الْعبارَات والدلالات الَّتِي هِيَ الطَّرِيق إِلَى الْكَلَام وَبهَا يفهم مُرَاده مِنْهُ لَا أَنه تَعَالَى قَوْله إِذا تكلم الله بِالْوَحْي أَنه يَتَجَدَّد لَهُ كَلَام وَلكنه يَتَجَدَّد إسماع وإفهام بِخلق عِبَارَات وَنصب دلالات بهَا يفهم الْكَلَام ثمَّ يُقَال على طَرِيق السعَة وَالْمجَاز لهَذِهِ الْعبارَات كَلَام من حَيْثُ أَنَّهَا دلالات عَلَيْهِ وَقد مضى شرح فِيمَا قبل بِمَا يُغني عَن رده هَا هُنَا
وَأعلم أَنه لَا يَصح على أصلنَا فِي قَوْلنَا أَن كَلَام الله غير مَخْلُوق وَلَا حَادث بِوَجْه من الْوُجُوه أَن يَقُول
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute