للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مُذكِّرٌ جَنَّةَ اللهِ التي ذُكِرَت ... في وَحْيِهِ وأُعِدَّت للمُطِيعينا

له مَحَاسِنُ أَعلاها كأَسْفلها ... نَقْشاً وفَرْشاً وتَزْويقاً وتَزْيِينَا

إِذا تَأَمَّلَ شِيْئاً من بَدَائعها ... طَرْفٌ تأمَّلَ دُرَّاً مِنءه مَكْنُونَا

قَصْرٌ غَدَا الحُسْنُ مَقْصُوراً عليه بهِ ... لمّا غَدَا مِسْكَناً للجُودِ مَسكُونَا

وللبحتريّ يذكر بناء المتوكّل ويصف القصر الذي سمّاه الجعفريّ، من قصيدة:

قد تَمَّ حُسْنُ الجَعْفَرِيّ ولم يكن ... لِيَتِمَّ إلاّ بالخَلِيفَةِ جعْفَرِ

مَلِكٍ تَبوَّأَ خَيْرَ دارٍ أُنشئَتْ ... في خَيْر دارٍ للأَنَامِ ومَحْضرِ

في رأْسِ مُشْرِفةٍ حَصَاهَا لُؤْلؤٌ ... وتُرابُهَا مِسْكٌ يُشَابُ بعَنْبرِ

مُخضَرّةٌ والغيْثُ ليس يسَاكبٍ ... ومُضِيئَةٌ واللَّيلُ ليس بمُقْمِرِ

وفيها:

أَزْرَى على هِمَمِ المُلُوكِ وغَضَّ من ... بُنْيانِ كِسُرَى في الزَّمَان وقَيْصرِ

عالٍ على لحْطِ العُيُونِ كأنَّما ... يَنظُرْنَ منه إلى بَيَاضِ المُشْتَرِى

مَلأَتْ جَوَانبُهُ الفَضَاءَ وعَانقَتْ ... شُرُفاتُه قِطَعَ السَّحَابِ المُمْطِرِ

وتَسِيرُ دجْلة تَحْتَه ففِنَاؤُهُ ... من لُجّةٍ غَمْرٍ ورَوْضٍ أَخْضَرِ

شَجَرٌ تُلاعِبُهُ الرِّياحُ فتَنثَنِى ... أعطافُه في سابحٍ متفَجِّرِ

قد جِئتُهُ فنزلتُ أَيْمَنَ مَنزِلٍ ... ورأيتُه فرأيْتُ أحسنَ منظرِ

فاعْمُرهُ بالعُمرش الطَّويل ونعْمَةٍ ... تَبْقَى بَشَاشتُهَا بَقَاءَ الأَعْصُرِ

وله أيضاً:

مَقاصِيرُ مُلْكٍ أَقْبَلَت بوُجُوهِهَا ... على منْظَرٍ من عُرْضِ دجْلةَ مُونِقِ

كأنّ القِبَابَ البَيْض والشَّمْسُ طَلْقَةٌ ... تُضَاحِكُهَا أنْصَافُ بَيْضٍ مُفَلَّقِ

ومِن شُرُفات في السَّمَاء كأنَّما ... قَوَادِمُ بِيضَانِ الحَمَام المُحَلّقِ

ولخالد الكاتب في برج المتوكّل:

بَنَى إمَامُ الهُدَى بُرْجاً يُقَال له ... بُرْجُ السُّرورِ وبُرْجُ اليُمْنِ والظَّفَرِ

كأنّه، والّذي يُبْقِي الإمَامَ له، ... بُرْجٌ من السَّعْد بين الشَّمْسِ والقَمَرِ

وأنا أستحسن قول القِصَافيّ يصف بناءً ابتناه محمّد بن عبد الله بن طاهر:

بَارَكَ اللهُ للأَمِيرِ ابي العبّا ... سِ في المَنْزِلِ البّديِعِ البِنَاءِ

بالمَحَلِّ المُبَارَكِ العَطِرِ التُّرْ ... بَةِ والمَرْبَعِ الرَّحِيبِ الفِنَاء

مَنْزِل فيه كلُّ ما صَبَت العَيْ ... نُ إليه من بَهجَةٍ وبَهَاءِ

ولعمري لقد افتتح القول بأحسن افتتاحٍ وابتداءٍ وكذلك كانت ابتداءات القصافي حسنةً عذبةً.

منها:

راحُوا ولَمَّا يُؤْذِنُوا برَوَاحِ

وأيضاً:

غَيْرِي أَطاعَ مَلامَةَ العّذَّالِ

وأيضاً:

في دَمْعِهِ الجَارِي وإِعْوَالِهِ ... ما يُخْبِرُ السائِلَ عن حالهِ

وشعره كلُّه على هذا.

وللحسين بن الضَّحاك:

وحَسْبُك بالخيْر من مَنْظَرِ ... إذا وَصَفَ الوَاصِفُونَ الخِيَارَا

زَهَا بمَجَالسَ رَقْرَاقةٍ ... تَخالُ دُجَى اللَّيْل فيها نَهَارا

كأَن جَوَاسِقَهَا أَنْجُمٌ ... يَزِينُ الأَكَابِرُ منها الصِّغارَا

ولا يَزْلقُ النَّعْلُ عن مَتْنِهَا ... إذا انْهمَر المُزْنُ فيها انْهِمَارَا

وله أيضاً:

يا وَاهِبَ الطّارِف والتَّلِيدِ

ما مِثْلُ بُنْيَانِكَ بالمَوجُودِ

فكَمْ به من جَوْسَقٍ مَشِيدِ

مُغْتَرِبٍ في وَصْفِه وَحِيدِ

قِبابُه في أَحْسنِ القُدُودِ

لأْلأُوها باقِيةُ الوُفُودِ

جالِسَةٌ للنَّظر الحَدِيدِ

فُضِّلْن في القِسْمَة والتَّحديدِ

<<  <   >  >>