والجمال، حيث إنّ تلك الجبال مكسوة بأشجار الصنوبر والزيتون وأنواع أخرى من الأشجار المزهرة، وقد ذكّرني هذا الطريق بتلك الطريقة التي سلكناها في العام الماضي في جنوب أسبانيا إلى الأندلس الجنوبي، حيث رأينا في تلك البلاد من جمال الطبيعة ما يعجز القلم عن تقييده، فالشبه بين الطريقين في غاية التمام. هكذا مضى بنا السير في تلك الطريق المتعرّجة التي تجري وديانها، مواكبة لتلك الجبال الشاهقة المخضرة إلى أن وصلنا إلى ساحل اللاذقية.
وتبعد اللاذقية عن حلب مائتي كليوا تقريبا، وقد مررنا في تلك الطريق بقرى منتشرة على جنبات الطريق، وصلينا الظهر والعصر جمعا وقصرًا في مسجد على ساحل البحر الأبيض في مدينة اللاذقية، وكان الجوُّ ممتعا للغاية، حيث رأينا القوارب والسفن الراسية على البحر.
وبعد الصلاة والغداء انطلقت بنا حافلتنا تميس بنا قاصدة مدينة (بانياس) التي تبعُد عن اللاذقية خمسين كيلو تقريبا، ولم نزل في سيرنا مع تلك المناظر الطبيعيّة الرائعة، حيث كان البحر الأبيض على اليمين منا، والجبال المخضرة بتلك البناتات الزاهية المتنوعة عن يسارنا.
وفي تلك الطريق عرجنا على مصفاة بانياس الكبيرة، ومررنا أيضا بقرية (البيضاء) التي تسكنها أسرة أبي دجانة السوري، وتمنينا لو التقينا به لتمتعنا بإرشاداته إلى جانب حديثِه الطريف وجمال طبيعة تلك الربى التي تحفّ بقريته الصغيرة الحجم.
ومما يلفت النظر أننا لم نر مئذنة في تلك القرية تدل على وجود المسجد هناك، بل يوجد مسجد قديم في تلك القرية وله مئذنة طويلة، وتلك القرية التي