والصنف الثاني: مفهوم قوله: {غير المغضوب عليهم} المغضوب عليهم مثّلهم النبي صلى الله عليه وسلم باليهود الملاعين، لأنّ هذا الصنف عرفوا هذا التوحيد ولكنهم لم يعملوا به، يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ولكنهم لم يعملوا بمقتضاه، بل العكس أنكروه وأنكروا نبوّة النبي صلى الله عليه وسلم، وقالوا:{عزير بن الله} ، و {المسيح ابن الله} .
فالصنف الأول العلماء العاملون بالتوحيد، والصنف الثاني العلماء غير العالمين بالتوحيد.
والصنف الثالث: مفهوم: {ولا الضالين} الضالين أي: الجاهلين، وهم النصارى.
إذن عرفنا أن هذه السورة العظيمة التي لو وقفنا لشرح ما اشتملت عليه يتطلب منا أن نبدأ بسورة البقرة إلى آخر سورة الناس، فعبد الله بن عمر أخذ في سورة البقرة يحفظها ويتدبّرها ثماني سنوات، وهو أفقه منا بالقرآن، وأما نحن الغافلون الكسالى نأخذ على الأقل خمسين سنة ولا نصل إلى نهاية، انتبهوا إلى هذا.
وهل ابن عمر رضي الله عنه يصعب عليه أن يحفظ سورة البقرة وسورة الفاتحة، ولكن أخذ ثمان سنوات وهو يقرأ لأنهم يقرأون كما تعرفون علمًا وعملاً لا للأغنية لا للتغني ولا للتكسّب، فالقرآن يقرأ للعمل والعلم والسنة كذلك، فحق القرآن عليك أن تتعلمه وتعمل به، وهكذا سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
وعلى كلِّ حال فقد أكثرتُ عليكم وفوّتكم معنى العنوان الذي هو خلفي الذي أعرف القصد منه، ولكن أردت استغلال الوقت الذي إذا ذهب ما أظنه أنه يعود وإن عاد قد لا يكون كما ينبغي، لأني ضعيف، أكلمكم وأنا ضعيف أكاد أن أسقط، ولكن الحماس الذي تسمعونه هذا لأني أقرأ القرآن.