ثم بعد ذلك انطلقنا من تشاد إلى السودان بالسيارة، والمسافة بين تشاد والسودان في غاية من الوعورة، وهي عبارة عن رمال تغرِّز فيها السيارات كثيرًا ولا يوجد غير هذا، وقطعنا المسافة بين تشاد وجنينا -جنينا هي آخر مدينة سودانية جهة تشاد- قطعنا المسافة في ستّة أيام.
ولما وصلنا إلى المركز الفرنسي الذي دون جنينا -وفيه أيضًا تفتيش خطير، تفتيش في غاية من الخطورة، لما وصلنا كانت القربة معلّقة على طرف اللَّوري (١) ، فتشونا وبهدلونا، حتى انتهت هذا المهمّة.
ولما وصلنا إلى جنينا سألت عن رئيس القضاة، حيث كانت عندي تعليمات سابقة أننا إذا وصلنا إلى مدينة جنينا فاسألوا عن رئيس القضاة فإنه رجل عظيم، فدلونا عليه، فجئنا عنده وسلمنا عليه، ورحب بنا، وسكّننا في بيت، هنا عرفنا الناس، أول نحن ضائعون، ولكن لما وصلنا إلى السودان عرفنا الناس، وبقينا عنده مدّة، حتى استرحنا.
وانطلقنا من مدينة جنينا إلى مدينة (الأبيّض) ، والأبيض والجنينة الطريق بينهما مثل ما بين تشاد وجنينا: رمال وعرة، أخذنا فيها أيضًا ستّة أيّام، حتى وصلنا الأبيض.
لما وصلنا مدينة الأبيّض نزلنا عند رجل عظيم يسمى محمد إسماعيل، وهذا رجل عظيم سلفي، وكان الرجل هذا له اتصال قوي بشيخنا الشيخ محمد
عبد الله المدني الذي إن شاء الله سأعطيك عنه كلمة، فجئنا عنده ورحّب بنا وأنزلنا -أيضاً- في بيت، وأقمنا عنده مدة تقريبًا أظن نصف شهر.