ثم بعدما عزمنا على السفر إلى الخرطوم -العاصمة المثلثة- رفض أن نسدّد أجرة القطار -لأن هناك القطار لا السيارة-، قال: لا، سفركم من الخرطوم إلى بورسودان، هذا كله على نفقتي، لقد أكرمني إكرامًا ما أستطيع أصفه.
فالحاصل: أدخلنا في القطار، وكلُّ شيء على نفقته سواءًا أجرة القطار ونفقة السفر كلّه، واتّصل بالتلفون برئيس أنصار السنة في أم درمان على أنك تستقبل الجماعة في الساعة الفلانية في محطة القطارات في (الخرطوم قِبلِي) ، لأن العاصمة المثلثة هكذا: خرطوم قبلي، شرقي، خرطوم بحري أم درمان، هكذا هي العاصمة، والقطارات التي تأتي من مدينة الأبيّض تقف في خرطوم قبلي.
فلما وصلنا إليها من الضحى إلى الضحى فإذا رئيس أنصار السنة هو والإخوان واقفون ينتظرونا، ونزلنا وهم واقفون، ثم أخذونا إلى أم درمان، لأن أم درمان هي البلد فيها مركز أنصار السنة الذي منه إسماعيل طاهر الذي جئنا من عندِه من مدينة الأبيض.
ولما وصلنا إلى أم درمان نزّلونا في قصر من الطراز الحديث -قصر في ثلاثة أدوارـ، وهذا القصر الدور الأسفل كلُّه مكتبة للمطالعة، والدور الثاني والذي فوقه هذا للسكنى، نزلونا في هذا القصر على شاطئ النيل جهة أم درمان بقرب بيت عبد الرحمن المهدي.
فالشاهد: ضيّفونا في هذا البيت، ولم يتركوا أحدًا يسكن معنا في هذا القصر، القصر تركوه لنا نحن أربعة أنفار مع المكتبة.
وهذه المكتبة فيها عرفت كلّ ما يتعلّق بعقيدة السلف، في هذه المكتبة عرفت العقيدة السلفية، وكتب الحديث التي كان حامد فقي يبعثها لأنصار السنة في أم درمان من مصر، لأن هذا الفرع فرعٌ لأنصار السنة في القاهرة.