أخذنا تقريبًا شهرين في هذا القصر، ومنعونا من أن ننفق على أنفسنا، وإنما إذا أردنا أن ننفق شيئًا أنفقنا سرًّا، أما علانية فلا يمكن أن ننفق شيئًا، وأخبرناهم أن عندنا فلوس كثيرة، قالوا: لا، هذه الفلوس أمامَها مسئوليات، أنتم تذهبون إلى الحجاز والحجاز يغلب عليه الفقر -قالوا هذا -في ذلك الوقت.
الشاهد: لما أردنا السفر من الخرطوم إلى بورسودان، عفوًا نسيت أن أقول لك: لما أردنا أن نتوجّه إلى تشاد كل واحد منا معه مبلغ من المال، قالوا لنا هذا المبلغ لا تأخذوه معكم، يجب أن تحولونه، قلنا له: ما معنى التحويل؟، هذه أول مرّة نسمع هذه الجملة؟، قالوا لنا: البنك، يوجد بنك تضعون هذه الفلوس في هذا البنك ثم تستلمونها في جدّة، فهذه عملية أول مرة نسمع بها، فوضعنا كميّة كبيرة من الفلوس في ذلك البنك واحتفظنا بالمبلغ الذي وضعناه في القربة.
فلما عزمنا على السفر من الخرطوم وسألنا عن التكاليف من بور سودان إلى جدة، وجدنا أن المبلغ الذي معنا والذي بقي ما يكفي لتلك التكاليف، فقلنا لرئيس أنصار السنة طه كردي كيف الحل، فقال لنا: أنا أعمل لكم طريقة، ودلّنا على (علي المرغني) في خرطوم بحري، وهذا رجل عظيم، واتصل به تلفونيًّا وقال له: عندي جماعة من أنصار السنة الآن أمامهم مشكلة وهي أن عندهم شيكات محوّلة من الخرطوم إلى جدّة وهم يحتاجون إلى فلوس فكيف الحل؟، قال علي الميرغني أرسلهم إليَّ -ونحن في أم درمان-، فركبنا العبّارة إلى خرطوم بحري، لما وصلنا خرطوم بحري وجدنا خُدّامًا ينتظرونا، استلمونا وسكّنونا في بيت، فبقينا ثلاثة أيّام في هذا البيت، قال لنا الخدّام: الشيخ سيخرج اليوم لاستقبالكم يوم كذا فأنتم اصبروا فصبرنا، ولما جاء يوم خروجِه
-في اليوم الثالث- جاءنا الخادم وقال لنا: استعدوا لمقابلة الشيخ، خرجنا