ولبسنا ومشينا معه، فلما أقدمنا على القصر -قصر كبير- فإذا العسكر محيطون به من كلّ جانب -العسكر البريطاني والعسكر السوداني- فاستغربنا الوضع قلنا ما هذا؟، قال: هذه هي العادة، أنه إذا كان اليوم الذي يخرج لازم يحيط العسكر لقصره، قال لنا: لا تخافوا، فدخلنا عليه وكان الناس عنده ما بين بارك وجاثم على ركبتيه للسلام عليه.
فالشاهد: نحن الغرباء ما عملنا شيئًا من هذه الخرافات، مشينا مع الخادم رأسًا وقطعنا هؤلاء حتى وصلنا إليه على دكّة عند مدخل داخل القصر، فلما أقبلنا عليه قام وسلّم علينا، وأخذني أنا على يمينه أنا وواحد، واثنين على شماله.
ورحّب بنا، ثم قال: أبلّغني طه كردي عن قضيتكم أبشركم أنكم إن شاء الله ناجحون، ودعونا له بالخير. وكلّم البنك البريطاني بالتليفون ونحن جالسون، قال له سيأتيك جماعة-، وكتب ورقة بأسمائنا مع خادمه -سيأتون إليك، فإذا جاءوا سلمهم المبلغ الذي كتبته لك، ثم سلمنا عليه، وخرجنا مع الخادم إلى الخارج بالسيارة –سيارته- حتى وصلنا إلى البنك، ثم استلمنا المبلغ.
وذهبنا إلى مكان منزلنا عند طه كردي وسُرَّ كثيرًا، وشكر للرجل هذا التعاون على البر والتقوى، وقلنا له: الآن نحن نغادر إلى بورسودان. غادرنا بورسودان في القطار إلى الخرطوم قبلي من الضحى إلى الضحى في القطار.
وصلنا إلى بورسودان، وبورسودان طبعًا فيها أنصار السنة، ورئيس أنصار السنة في أم درمان اتصل بالفرع الذي في بورسودان، ورئيس الفرع اسمه وكيعة الله، اتصل به وقال له: إنه سيصلكم الإخوة الساعة الفلانية في القطار الفلاني.
ما وصلنا إلى بورسودان في القطار إلاّ والإخوان واقفين ينتظرونا، لما نزلنا من القطار أخذونا إلى حارتهم -لهم حارة تسمّى دمشاط في بورسودان- أخذونا إلى هذه الحارة وسكّنونا في بيت.