ثم وصلنا ليلاً إلى مكة ولله الحمد والمنة، ولما انتهينا من العمرة ذهبنا إلى إخوان لنا من السودان تبع مالي يسمون (باجا) ، وهم ساكنون في جرول، ونزلنا عندهم وما شاء الله استقبلونا وكانت المساكن في ذلك الوقت عشش، لا توجد بيوت من اللَّبن ولا من الطين، كانت (جرول) كلها من العشش والصنادق، أنزلونا في عشّة من العشش، وكان هناك عبارة عن عشتين: عشة للسكنى وعشة كمسجد، فصرنا نحن الأربعة مشرفين على المسجد هذا.
بقينا هناك في جوارهم وفعلاً جاورونا جوارًا طيِّبًا، وأكرمونا إكرامًا، ودلّونا على ما نجهل، لأنك تعرف أن للقادم دهشة.
فالحاصل: أرشدونا ودلّونا، فبقينا في مكة سنة ١٣٦٧هـ في رمضان، وشوّال وذو القعدة وذو الحجة، ثم حجينا ورجعنا من الحج وبقينا المحرّم وصفر، ثم توجهنا إلى المدينة.
وفعلاً المدينة ما استطعنا أن نتوجّه إليها رسميًّا، فتوجهنا إليها على طريق غير رسمي، لأننا ما عندنا جوازات، هم كتبوا أنه ما عندنا جوازات وأننا على كفالة الشيخ عبد الملك آل الشيخ.
فلما عزمنا على التوجه إلى المدينة النبوية سألنا كيف الطريق؟، قال لنا بعض الإخوان يوجد سائقوا خشبية (١) يمكن يأخذونكم بطريقة غير رسميّة، وذهبنا عند واحد سائق إفريقي قال لنا: أنا آخذكم ولكن كلما اقتربنا من أيّ مركز تفتيش تنزلون وتأتون ماشين، لأنهم إذا وجدوكم مَعِي فإنهم يعاقبوني معكم.
(١) خشبية: السيارة الكبيرة المصنوع جوانبها من الخشب ا. هـ (عبد الأول) .