خرجنا من المسجد وأخذنا صناديقنا، مشينا نبحث عن المسجد النبوي، في ليلة مظلمة، ما في كهرباء، يا عجبًا، ولا في قمر نسأل كلما مرّ بنا أيّ أحد من المدينة: نسأله أين المسجد النبوي، وهكذا حتى وصلنا إلى المسجد النبوي من جهة باب المجيدي بعد صلاة المغرب، ما وصلنا إلاّ والناس يصلون العشاء، وكان العسكري واقف عند الباب -أنت تعرف وضع المدينة في ذلك الوقت كلّه دكاكين-, قلنا للعسكري نحن ندخل في الصلاة والصناديق نتركها عندك، قال: أبدًا، ولا يمكن أبدًا، ابحثوا عن محل تضعون فيه صناديقكم فقلنا له: يا أخ العرب نحن غرباء ما نعرف أحد وأنت عسكري مسئول الواجب عليك أنك توافق، رفض رفضًا باتًّا، ونحن لا يمكن أن نرمي صناديقنا، قال لنا العسكري: من تعرفون؟، قلنا له: نعرف الشيخ عبد الرحمن الإفريقي ونعرف الشيخ أبو بكر التنبكتي، قال: أين هؤلاء؟، ما أعرفهم، قلنا: يا عجبًا.
وفي أثناء التفاهُم مع هذا العسكري رأينا أحد الأفارقة، قلنا له: تعال نحن الآن في ورطة مع العسكري هذا، العسكري يقول: ما نضع الصناديق، لا بدّ أننا نبحث لنا عن مكان نضعها فيه، ونحن لا نعرف فما العمل؟، قال: أنا أذهب معكم الآن أدلّكم على بيت الشيخ عبد الرحمن الإفريقي.
فمشينا معه إلى بيت الشيخ، ولما وصلنا إلى بيت الشيخ، قال: هذا البيت، قلنا له: كيف ندخل؟، قال: لا ما تدخلون، تجلسون على الدرج حتى يجي الشيخ بعدما يأذن لكم الشيخ.
قلنا له: وأنت؟، قال: لا، أنا أرشدتكم إلى المكان، مالكم بي أيُّ تعلّق.
جلسنا على الدرج وهرب منا، فجلسنا هناك في ليلة مظلمة مدلهمّة في غاية من الإظلام، ونحن جالسون على الدرج.
فبينما نحن جالسون فإذا الشيخ عبد الرحمن الإفريقي أقبل علينا، ونظر إلى