وفعلاً مشينا أخذنا صناديقنا ومشينا، فوصلنا إلى الشيخ عند هذه القلعة.
الحمد لله عندما وصلنا إلى الشيخ عاد إلينا النفَس الذي تعبنا منه، نحن تعبنا داخل المدينة، لأننا نحن من المغرب والعشاء والفجر ما ندري عن أنفسنا شيء، يعني: كأننا في السجن.
استرحنا عند الشيخ، وذكرنا له أننا ما دخلنا الحرم إلى الآن، فلذلك نحن قصدنا الآن أن نصل إليكم ونسلِّم عليكم ثم بعد ذلك نخبركم بماذا نريد أن نفعلَه.
وفعلاً رحّب بنا، وقال لنا: أنتم الآن تنزلون عندي، قلنا: ما يمكن ننزل عندك وأنت بهذا البُعد، نحن ما جئنا لك نحن جئنا للحرم، فلا بدّ لنا من السكنى في مكان قريب من الحرم، أما في مكانك فلا، قال، فحاول، ولكن ما استطاع، قلنا له: نحن الذي نريده نترك العفش عندك أما نحن بأشخاصنا نحن في الحرم، وفعلاً، وحاول أننا -مثلاً -يكون الغدا عنده والفطور، قلنا له: لا، مالنا غدا عندك ومالنا فطور عندك، ومالنا عشى، نحن يكفينا أن عفشنا عندك.
وفعلاً اشترينا السجاجيد وإذا أُغلق الحرم بعد العشاء نفرش عند الباب في الزحام.
هكذا مضى عينا المحرّم وصفر وربيع وربيع، فلما انتهت علينا هذه الأربعة الأشهر هذه اتصل بعض الإخوان من أم درمان، اتصلوا بأهل مكّة، يطلبوني أنا، وفعلاً كتب لي بعض الإخوان الذي اتصلوا به أن فلان -رئيس أنصار السنة- يلحّ عليك بالزيارة، وفعلاً لما بلغني هذا الطلب رأسًا أنا مشيت وتركت الإخوان في مكة، وذهبت أنا رأسًا في الباخرة إلى أم درمان، حتى وصلت بورسودان ومن بورسودان إلى أم درمان، وبقيت هناك جمادى وجمادى