شهرين، ثم بعد ذلك رجعت، من ذلك التاريخ إلى الآن أنا هاهنا في البلاد المقدّسة، هذا سنة ثماني وستين، والوصول سنة سبعة وستين، إلى هذا الوقت.
لما رجعت الرجعة الثانية من الخرطوم -أم درمان-جئت مباشرةً إلى المدينة النبوية، نحن عادتنا هكذا، نحن ما نسكن عادة إلاّ في المدينة.
لما وصلت المدينة النبوية سكنت في أحد الأربطة، وقد تفرّقنا الإخوان بقوا في مكة، أنا فقط سكنت المدينة في رباط العجم وهو عند باب جبريل، حتى إنك تستطيع لو أمكن أنك تخرج من بابِه تمدّ رجلك في باب جبريل.
وبمناسبة أن هناك واحد من جماعة الشيخ الطيب الأنصاري وهو عبد القدوس الأنصاري كان أيضًا ساكن في هذا الرباط، وهو الذي طلب مني أن أسكن معه، وفعلاً سكنتُ معه.
وهذا الرباط ضيّق، وجدت منه ضيقًا شديدًا، ذهبت للشيخ أبي بكر في قباء وقلت له: يا شيخ أنا ساكن مع الإخوان في رباط العجم وهو ضيّق وأنت تعرف الناس، وأريد أن تدلّني على مكان يمكن أن أضع فيه كتبي وأجد فيه ولو غرفة واحدة، فخرج معي إلى رباط أمام البقيع، ودلني على غرفة نظيفة مفروشة بخسف فيها مكتبة وأعطاني المفتاح -مفتاح المكتبة -لأن الرباط كله لطلبة العلم، مليء هذا الرباط إلاّ هذه الغرفة.
جئت وكأني سكنت في أبهى قصر في الدنيا، سكنت في هذه الغرفة بجانب المكتبة، وإذا جاء وقت المكتبة أخرج من الغرفة إلى غرفة المكتبة أفتحها للطلبة، أنا أطالع فيها، وهذا في سنة ثمانية وستين وتسعة وستين وسبعين (١) -أربع سنوات-.