للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"لا، لا، ما هو هكذا، هؤلاء العلماء من حينما بدأ التدوين بدأ في أيّام النبوة ليس بعد النبوّة، وإنما انتشارُه وتوسُّعه بعد النبوة، وإنما بدايته من زمن النبي صلى الله عليه وسلم.

وكان العلماء من الصحابة والتابعين ومَن بعدَهم لما بدأوا يكتبون السنّة ويجمعونها، كما قال عمر بن عبد العزيز للزُّهري وغيره، وهذه السنة التي يجمعونَها بأسانيدِها، والعلماء في ذلك الوقت غير العلماء في وقتنا هذا ولا فيما بعد أولئك، العلماء في ذلك الوقت علماء بحيث إذا قرأ العالم هذا الحديث أو كتبه فإنه يعرف

أن هذا صحيح أم ضعيف أم موضوع أو حسن بسنده الذي معه، فلذلك هم في ذلك الوقت اكتفوا بجمع الحديث بأسانيده ليقدِّموه لمن يعرف هذه الأسانيد،

والذين يعرفون هذه الأسانيد بمجرّد ما يقرؤون الحديث يعرف أن هذا الحديث حسن أم ضعيف أم موضوع أم موقوف أم مقطوع وهكذا.

ولذلك نرى الآن حتى العلماء المتأخِّرين -أترك المتقدِّمين-، لأن المتقدِّمين عندهم من العلم بهذا الباب ما ليس للمتأخِّرين، ولكن رغم هذا فإن المتأخرين من العلماء مثلاً مثل الطبراني، وكذلك -أيضًا- الخطيب البغدادي، وكذلك -أيضًا- تلامذتهم، هؤلاء يكتبون الحديث بأسانيدهم ومع ذلك قلَّ أن يعلّقوا على تلك الأحاديث بأن هذا الحديث صحيح أو ضعيف، لماذا، لأنهم يقولون: كلُّ من ذكر السند فقد كفاك المؤنة، لماذا؟؛ لأن السند لا ينبغي أن يقرأه إلاّ أهلُ السند، هم يذكرون السند لأهل العلم لا يذكرونَه للجهلة، الذي لا يعرف السند لا يجوز له

أن يقرأ الحديث أبدًا، بل إنما يجب عليه أن يسأل أهلَ العلم بالحديث حتى يبيِّنوا له أن هذا السند صحيح أو ضعيف وغير ذلك.

فلذلك قول هؤلاء إن المتقدِّمين عُنوا بجمع الحديث دون تمحيص هذه كلمة قد تكون من جهة صحيحة ومن جهة غير صحيحة:

<<  <  ج: ص:  >  >>