والاجتهاد بذل الوسع في ... بلوغ الغرض لذي التصرُّف
أما الاجتهاد بهذا المعنى بابُه مفتوح إلى أن تقوم الساعة، الاجتهاد بذل الوسع في بلوغ الغرض. يعني: معناه بذل الجَهد والطاقة لفهم ما دلّت عليه هذه الآية الكريمة أو دلّت عليه هذه السنة النبويّة، وهذا الجَهد وهذا الاجتهاد لا يزال إلى أن تقوم الساعة.
لو فسّر أولئك العوام -أنا ما أسميهم بالعلماء، وحتى كلمة الجُهّال ما أطلقها عليهم، هؤلاء عوام ما يفقهون-، لو فسروا الاجتهاد بهذا المعنى الذي فسّره به جميع العلماء قاطبةً لعرفوا أن الاجتهاد بهذا المعنى الذي هو مراد العلماء بالمعنى الصحيح لا يمكن أن يُغلق إلى أن تقوم الساعة، ولهذا أهل العلم الذين فقهوا وأدركوا مراد هؤلاء العوام ردّوا عليهم وبيّنوا لهم أن الصواب خلافُ ما قلتم أنتم، فكتبوا كتبًا منها: أولاً (جامع بيان العلم) لابن عبد البر، ومنها:(تيسير الاجتهاد) للصنعاني، ومنها:(القول المفيد في الاجتهاد والتقليد) للشوكاني.
وهؤلاء هم الذين وضّحوا لأنهم جاءوا في زمن هؤلاء العوام
-أعني: في زمن المقلِّدين -المقلدون عوام، انتبه لهذا!، ولهذا -كما سمعت في هذا البيت-:
لا فرق بين مقلّدٍ وبهيمة
...
تنقاد بين دعافل وجنادل
العامي لا يجوز أن يطرح كلامُه بين أهل العلم إلاّ للتحذير منه فقط، إنما الذي يجب: أننا نفقّه الناس ونفهمهم أن هنا شيئين: أولاً: اجتهاد، وثانيًا: تقليد.
الاجتهاد هو: أن يعتمد الإنسان على ما فتح الله عز وجل عليه في القرآن والسنة على ضوء ما فهمه مَن قبلَه من الأئمة، هذا هو الاجتهاد.