ومن المعاجم الجغرافية الأخرى كتاب "تقويم البلدان" الذي وضعه أبو الفدا الذي ولد في دمشق سنة ٦٧٢هـ "١٢٧٣م". ويتميز كتاب أبي الفدا بأنه لم يتبع في تقسيمه دوائر العرض بل فضل التقسيم إلى مناطق جغرافية، ويقول المستشرق الفرنسي "رينو": إن العصور الوسطى لم تعرف كتابًا يمكن مقارنته بتقويم البلدان لأبي الفدا.
ويرتبط أبو الفدا برابطة الرحم بصلاح الدين الأيوبي، وقد اشترك في حملات الحروب ضد الصليبيين ومنها الحملة التي أخرجت الصليبيين من طرابلس الشام. واعتمد أبو الفدا في كتابه على السماع والآثار المدونة، ولم يقم إلا برحلات قصيرة لفلسطين، وبلاد العرب ومصر وشرقي تركيا والعراق.
أتم أبو الفدا مسودة كتابه "تقويم البلدان" في شهر سبتمبر سنة ١٣٢١م "سنة ٧٢١هـ". وينقسم الكتاب إلى قسمين، الأول منهما يضم معلومات فلكية، وأخرى عن خط الاستواء والأقاليم السبعة، والمعمور من الأرض ومساحتها ووصف البحار والأنهار، أما القسم الثاني فينقسم إلى ثمانية وعشرين قسمًا تناولت الأقاليم أو المناطق الجغرافية المختلفة مثل: بلاد العرب، ومصر، والمغرب، والسودان، والأندلس. قسم كل قسم من الثمانية والعشرين إلى جزأين يعرض في الأول منهما أحوال المنطقة العامة وأخلاق سكانها وعاداتهم، ثم يتناول في الجزء الثاني جداول تحتوي على أسماء البلاد والنقاط المأهولة.
وقد احتلت بلاد الشام، والبلاد المجاورة لها الأهمية الكبرى عند أبي الفدا, إذ إنه أسهب في الكتابة عنها، ويرجع ذلك أن أبا الفدا قد عاش في رحاب هذه المناطق.