نجح الإنسان في اكتشاف الزراعة منذ سبعة آلاف سنة تقريبًا. ولم يعد الإنسان يتنقل للبحث عن البذور والثمار بل أصبح يزرعها ويتحكم فيها ويعرف مكانها، ويطلق على هذا التحول الكبير الذي حدث في العصر الحجري الحديث الثورة الزراعية، وقد حدث هذا التغير في الشرق الأوسط لأول مرة وذلك في رأي غالبية علماء التاريخ، إن هذا التغير في أسلوب استغلال الإنسان لموارد بيئته ثورة في مضمونه؛ لأنه انتقال إلى إنتاج الطعام بدلًا من جمعه، لكن لفظ الثورة قد يكون مضللًا؛ لأنه يوحي بالتغير المفاجئ. في الحقيقة إن اكتشاف خصائص نمو النبات وممارسة المحاولة والخطأ في عملية الزراعة لم يحدث بين عشية وضحاها، ثم تبنى الإنسان أساليب للزراعة واجتهد في انتشارها على مستوى المجتمع لإعادة صياغة البناء الاقتصادي، كل هذه العمليات استغرقت أوقاتًا طويلة.
لقد أدى هذا التطور بالنسبة للشرق الأوسط إلى استقرار الإنسان، فهجر كهوفه وتجمع في مجموعات كونت القرى التي حققت له ما كان يصبو إليه من أمن وحماية لممتلكاته الشخصية المتمثلة في نوعه وأدواته وحيواناته. وتعلم الإنسان التعاون وجنى ثماره. ومن الحقائق التاريخية التي