هناك علاقة وثيقة بين الجغرافية والحروب، فليست المعارك الحربية إلا التقاء بين قوتين بشريتين في ميدان إما أن يكون رقعة من الأرض أو مسطحا مائيا، أو قد تكون هذه المعارك في الجو. ونتائج الحروب قد تكون خسارة بعض الدول لأجزاء من رقعتها الجغرافية، وإضافة أجزاء من الأرض للدول المنتصرة، ولا شك أن معرفة الخصائص الجغرافية لميدان المعارك تتيح قيادة المعارك بنجاح، ويمكن القول بأن الجيش الذي يحسن الاستفادة من الظروف الجغرافية لميدان المعركة يستطيع أن يحقق الكثير من خططه.
وميدان المعركة ليس إلا مكانا يتميز بخصائص طبيعية وبشرية مختلفة، وليست شخصية المكان مجرد مجموعة هذه الخصائص الطبيعية والعوامل البشرية، بل هي نتاج تفاعل مستمر بين الإنسان والظروف الطبيعية المتمثلة في الموقع والسطح والمظاهر الطبوغرافية والمناخ بعناصره من حرارة ورياح وأمطار، والنباتات الطبيعية سواء أكانت أعشابا أم غابات.
ويلعب الموقع دورا مهما في نتائج المعارك الحربية، وذلك حسب أهميته واستراتيجيته ومدى تحكمه في الطرق، وعلى سبيل المثال أعلنت إسرائيل أنها ستحتفظ بشرم الشيخ ذات الأهمية البحرية لتأمين ملاحتها في البحر الأحمر، إلا أن حرب رمضان سنة ١٣٩٣هـ أثبتت فشل هذا الادعاء، وذلك من واقع إحكام سيطرة العرب على مضيق باب المندب الذي يعد منفذا للبحر الأحمر، وكثيرا ما تكون أهمية الموقع الجغرافي لبعض الدول سببا في طمع الدول الكبرى في التنافس في السيطرة على هذه الدول والتي تتمتع بمواقع ذات أهمية حربية. لقد كانت أهمية موقع مصر وقناة السويس سببا في تنافس الدول الاستعمارية في السيطرة عليها منذ أقدم