للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سَمِعْتُ أَبَا مُصْعَبٍ الْمَكِّيَّ، قَالَ: أَدْرَكْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، وَزَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ، وَالْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ، فَسَمِعْتُهُمْ يَتَحَدَّثُونَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عليه وآله وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْغَارِ أَمَرَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بِشَجَرَةٍ فَنَبَتَتْ فِي وَجْهِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عليه وآله وَسَلَّمَ فَسَتَرَتْهُ [ (٣٢) ] ، وَأَمَرَ اللَّه الْعَنْكَبُوتَ فَنَسَجَتْ فِي وَجْهِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عليه وآله وَسَلَّمَ فَسَتَرَتْهُ، وَأَمَرَ اللَّه حَمَامَتَيْنِ وَحْشِيَّتَيْنِ فَوَقَفَتَا بِفَمِ الْغَارِ، وَأَقْبَلَ فِتْيَانُ قُرَيْشٍ مِنْ كُلِّ بَطْنٍ رَجُلٌ، بِعِصِيِّهِمْ وَهَرَاوِيهِمْ [ (٣٣) ] وَسُيُوفِهِمْ، حَتَّى إِذَا كَانُوا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عليه وآله وَسَلَّمَ بِقَدْرِ أَرْبَعِينَ ذِرَاعًا، فَجَعَلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ لِيَنْظُرَ فِي الْغَارِ فَرَأَى حَمَامَتَيْنِ بِفَمِ الْغَارِ، فَرَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالُوا لَهُ مَا لَكَ لَمْ تَنْظُرْ فِي الْغَارِ؟ فَقَالَ: رَأَيْتُ حَمَامَتَيْنِ بِفَمِ الْغَارِ، فَعَلِمْتُ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ، فَسَمِعَ النبي صلى اللَّه عليه وآله وَسَلَّمَ مَا قَالَ، فَعَرَفَ إن اللَّه عز وجل قَدْ دَرَأَ عَنْهُ بِهِمَا، فَدَعَاهُنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عليه وآله وَسَلَّمَ فَسَمَتَ [ (٣٤) ] ، عَلَيْهِنَّ وَفَرَضَ جَزَاءَهُنَّ، وَانْحَدَرْنَ فِي الْحَرَمِ» [ (٣٥) ] .

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّه إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ السُّوسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدُوسٍ الطَّرَائِفِيُّ إِمْلَاءً، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ:

الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الْقُهُنْدُزِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُجَاهِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَشْعَثُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «فَأَنْزَلَ اللَّه سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ قَالَ: عَلَى أَبِي بَكْرٍ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عليه وآله وَسَلَّمَ لَمْ تَزَلِ السَّكِينَةُ معه» .


[ (٣٢) ] وفي رواية عند قاسم بن ثابت بن حزم العوفي السرقسطي، سمع من النسائي، وألف كتابا في شرح الحديث سماه: الدلائل، وفاته في سرقسطة ٣٠٢ هـ، جاء في كتاب الدلائل هذا على ما ذكره السهيلي في الروض الأنف (٢: ٤) : «أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلّم لما دخل الغار، وأبو بكر معه أنبت اللَّه على بابه الراءة، وهي شجرة معروفة، فحجبت عن النار أعين الكفار» والراءة شجر مثل قامة الإنسان طولا، ولها خيطان وزهر ابيض كالريش.
[ (٣٣) ] الهراوة: العصا الغليظة.
[ (٣٤) ] بارك.
[ (٣٥) ] أخرجه ابن سعد (١: ٢٢٩) ، وابو نعيم في دلائل النبوة، وابن عساكر كلهم عن ابي مصعب المكي.