لَمْ يدرك الإسلام، وكان يكره عبادة الأوثان، ولا يأكل مما ذبح عليها، ورحل إلى الشام باحثا عن عبادات أهلها فلم تستمله اليهودية ولا النصرانية، فعاد إلى مكة يعبد الله على دين إبراهيم، وجاهر بعداء الأوثان، فتألب عليه جمع من قريش، فأخرجوه من مكة، فانصرف إلى «حراء» فسلّط عليه عمه: الخطاب شبانا لا يدعونه يدخل مكة، فكان لا يدخلها إلا سرا، وكان عدوا لوأد البنات، لا يعلم ببنت يراد وأدها إلا قصد أباها وكفاه مؤنتها، فيربيها حتى إذا ترعرعت عرضها على أبيها فإن لم يأخذها بحث لها عن كفؤ فزوجها به. رآه النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قبل النبوة، وسئل عنه بعدها، فقال: «يبعث يوم القيامة أمة وحده» . توفي قبل مبعث النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بخمس سنين، وله شعر قليل منه البيت المشهور: أربا واحدا أم ألف رب ... أدين إذا تقسمت الأمور [ (٢) ] ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزّى: حكيم جاهلي من قريش، اعتزل الأوثان قبل الإسلام، وامتنع عن أكل ذبائحها، وتنصّر، وقرأ كتب الأديان، وأدرك أوائل عصر النبوة، ولم يدرك الدعوة، وهو ابن عم خديجة بنت خويلد، أم المؤمنين، وكان يكتب اللغة العربية بالحرف العبراني. وفي حديث ابتداء الوحي، بغار حراء، أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم رجع إلى خديجة، وفؤاده يرتجف، فأخبرها، فانطلقت به خديجة حتى أتت ورقة بن نوفل «وكان شيخا كبيرا قد عمي» فقالت له خديجة: يا ابن عمّ