للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَابُ سَرِيَّةِ [ (١) ] أَبِي سَلَمَةَ [ (٢) ] ابن عَبْدِ الْأَسَدِ إِلَى قَطَنٍ

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللهِ الْأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ:


[ (١) ] بعد ان خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى حمراء الأسد غداة يوم أحد يطارد العدوّ ويطلبه، وظل يوقد النار طيلة الليل ثلاثة ايام متتابعة، ليدلّ قريشا على أنه على عزمه وأنه منتظر رجعتهم، وزعزع هذا همة ابي سفيان وقريش، فآثروا ان يعودا ادراجهم ميممين مكة، ورجع محمد صلّى اللَّه عليه وسلم الى المدينة، وقد استردّ كثيرا من مكانة تزعزعت على أثر أحد.
واستمر النبي صلّى اللَّه عليه وسلم على هذه السياسة، فلما بلغه- بعد شهرين من أحد- أن طليحة وسلمة ابني خويلد، وكانا على رأس بني اسد، يحرّضان قومهما ومن أطاعهما يريدان مهاجمة المدينة، والسير الى محمد صلّى اللَّه عليه وسلم في عقر دار ليصيبوا من أطرافه، وليغنموا من نعم المسلمين التي ترعى الزروع المحيطة بمدينتهم، وإنما شجعهم على ذلك اعتقادهم ان محمدا وأصحابه لا يزالون مضعضعين من اثر احد، فما لبث النبي حين اتصل به الخبر ان دعا اليه أبا سلمة بن عبد الأسد، وعقد له لواء سرية تبلغ عدتها مائة وخمسين منهم: أبو عبيدة بن الجراح، وسعد بن أبي وقاص، وأسيد بن حضير، وأمرهم بالسير ليلا والاستخفاء نهارا، وسلوك طريق غير مطروق، حتى لا يطّلع احد على خبرهم، فيفجئوا العدو بالإغارة عليه على غرة منه، ونفذ أبو سلمة ما أمر به، وأحاط بهم في عماية الصبح، فلم يستطع المشركون ان يثبتوا لهم، وانتصر المسلمون وغنموا كما وجه الرسول صلّى اللَّه عليه وسلم بعد ذلك سرية عبد الله بن أنيس، يستطلع جلية خبر خالد بن سفيان الهذلي الذي جمع الناس وسار بهم الى المسلمين، وقد انتهى امر خالد بأن قتله أنيس، ومن ثم هدأت بنو لحيان بعد موت زعيمها.
[ (٢) ] هو أبو سلمة عبد الله بن عبد الأسد بن هلال، السيد الكبير أخو رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة،