بَابُ مَجِيءِ الْأَحْزَابِ وَنَقْضِ بَنِي قُرَيْظَةَ مَا كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّه (صلى اللَّه عليه وسلم) مِنَ الْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّه الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عن ابْنِ إِسْحَاقَ بِإِسْنَادِهِ الْأَوَّلِ- يُرِيدُ إِسْنَادَهُ الَّذِي ذُكِرَ في تخريب الْأَحْزَابِ- قَالَ: فَلَمَّا نَزَلَ الْمُشْرِكُونَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى ضَرَبَ عَسْكَرَهُ بَيْنَ الْخَنْدَقِ، وَسَلْعٍ فِي ثَلَاثَةِ آلَافٍ، وَالْمُشْرِكُونَ فِي عَشَرَةِ آلَافٍ مِنْ أَحَابِيشِهَا، وَمَنْ تَابَعَهُمْ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ، وَأَهْلِ تِهَامَةَ، وَغَطَفَانَ، وَمَنِ اتَّبَعَهُمْ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ، حَتَّى نَزَلُوا بَابَ نُعْمَانَ إِلَى جَانِبِ أُحُدٍ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ظَهْرَهُ وَمَنْ مَعَهُ إِلَى سَلْعٍ وَالْخَنْدَقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَوْمِ.
وَأَمَرَ بِالذَّرَارِيِّ وَالنِّسَاءِ فَجُعِلُوا فِي الْآطَامِ، وَخَرَجَ حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ حَتَّى أَتَى كَعْبَ بْنَ أَسَدٍ صَاحِبَ عَقْدِ بَنِي قُرَيْظَةَ وَعَهْدِهِمْ، فَلَمَّا سَمِعَ بِهِ كَعْبٌ أَغْلَقَ حِصْنَهُ دُونَهُ، فَقَالَ: وَيْحَكَ يَا كَعْبُ. افْتَحْ لِي، حَتَّى أَدْخُلَ عَلَيْكَ. فَقَالَ: وَيْحَكَ يَا حُيَيُّ. إِنَّكَ امرؤ مشؤوم، وَإِنَّهُ لَا حَاجَةَ لِي بِكَ، وَلَا بِمَا جِئْتَنِي بِهِ، إِنِّي لَمْ أَرَ مِنْ مُحَمَّدٍ إِلَّا صِدْقًا، وَوَفَاءً. وَقَدْ وَادَعَنِي وَوَادَعْتُهُ. فَدَعْنِي وَارْجِعْ عَنِّي.
فَلَا حَاجَةَ لِي بِكَ. فَقَالَ: واللَّه إِنْ غَلَقْتَ دُونِي إِلَّا عَنْ جَشِيشَتِكَ [ (١) ] أَنْ آكُلَ مَعَكَ مِنْهَا، فَأَحْفَظَهُ فَفَتَحَ لَهُ، فَلَمَّا دَخَلَ عليه قال:
[ (١) ] (الجشيشة) : طعام يصنع من البر الخشن، وقد تقدمت.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute