«من أصبح وهمومه هم واحد، كفاه الله تعالى هموم الدنيا والآخرة
فإذا جرّبت في ألف، وألفين، وآلاف حصل لك علم ضروري لا تتمارى فيه.
فمن هذا الطريق: اطلب اليقين بالنبوة، لا من قلب العصا ثعبانا، وشق القمر، فإن ذلك إذا نظرت إليه وحده، ولم تنضم إليه القرائن الكثيرة الخارجة عن الحصر، ربما ظننت أنه سحر وتخييل وأنه من الله إضلال، فإن الله تعالى:
يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ، وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ.
وترد عليك أسئلة المعجزات، فإن كان مستندا إيمانك إلى كلام منظوم في وجه دلالة المعجزة، فينخرم إيمانك بكلام مرتب في وجوه الأشكال والشبهة عليها.
فليكن مثل الخوارق، إحدى الدلائل والقرائن في مجلة نظرك حتى يحصل لك علم ضروري لا يمكنك ذكر مستنده على التعيين كالذي يخبره جماعة بخبر متواتر لا يمكنه أن يذكر أن اليقين مستفاد من قول واحد معين، بل من حيث لا يدري، ولا يخرج عن جملة ذلك ولا بتعيين الآحاد ... فهذا هو الإيمان القوي العملي» أ. هـ.
٢- طريقة ابن خلدون في إثبات النبوة:
قال ابن خلدون في المقدمة:
«اعلم أن الله- سبحانه- اصطفى من البشر أشخاصا فضلهم بخطابه، وفطرهم على معرفته، وجعلهم وسائل بينه وبين عباده: يعرفونهم بمصالحهم، ويحرضونهم على هدايتهم، ويأخذون بحجزاتهم عن النار، ويدلّونهم على طريق النجاة.
وكان- فيما يلقيه إليهم من المعارف ويظهره على ألسنتهم من الخوارق والأخبار- الكائنات، المغيبة عن البشر التي لا سبيل الى معرفتها، إلا من على