كتاب دلائل النبوة للبيهقي

جماع أبواب إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بالكوائن بعده، وتصديق الله جل ثناؤه رسوله صلى الله عليه وسلم في جميع ما وعده - باب ما جاء في إخباره [صلى الله عليه وسلم] [١] بالشر الذي يكون بعد الخير الذي جاء به، ثم بالخير الذي يكون بعد ذلك، ثم بالشر الذي يكون بعده. وما يستدل به على إخباره بعمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - وإشارته إلى ما ظهر من عدله وإنصافه في ولايته - ج: 6 - ص: 490

بَابُ مَا جَاءَ فِي إِخْبَارِهِ [صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] [ (١) ] بِالشَّرِّ الَّذِي يَكُونُ بَعْدَ الْخَيْرِ الَّذِي جَاءَ بِهِ، ثُمَّ بِالْخَيْرِ الَّذِي يَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ، ثُمَّ بِالشَّرِّ الَّذِي يَكُونُ بَعْدَهُ. وَمَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى إِخْبَارِهِ بِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَإِشَارَتِهِ إِلَى مَا ظَهَرَ مِنْ عَدْلِهِ وإِنْصَافِهِ فِي وَلَايَتِهِ

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَهْلٍ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابن يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ بُسْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ يَقُولُ: كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم عَنِ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللهُ بِهَذَا الْخَيْرِ فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: نَعَمْ! قُلْتُ:

فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: نَعَمْ! وَفِيهِ دَخَنٌ [ (٢) ] . قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ؟

قَالَ: قَوْمٌ يَسْتَنُّونَ بِغَيْرِ سُنَّتِي وَيَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ قَالَ:

فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: نَعَمْ! دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا. قَالَ: قُلْتُ: صِفْهُمْ لِي يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: نَعَمْ هُمْ قَوْمٌ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا قَالَ: قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي يَا رَسُولَ اللهِ إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ: تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ قَالَ: قُلْتُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ قَالَ فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وأنت كذلك.

---

[ (١) ] من (ك) فقط.
[ (٢) ] (الدخن) أن يكون في اللون ما يكدره من سواد، والمراد أن لا تصفو القلوب بعضها لبعض.