للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نَبِيٌّ آخَرُ مِنْ بَنِيِّ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَذَلِكَ أَنَّهُ رَأَى أَنَّ رَاكِبًا أَقْبَلَ عَلَى قُرَيْشٍ مَعَهُ بَعِيرٌ لَهُ حَتَّى وَقَفَ عَلَى الْعَسْكَرِ فَقَالَ: قُتِلَ فُلَانٌ، وَفُلَانٌ، وَفُلَانٌ يُعَدِّدُ رِجَالًا مِنْ أَشْرَافِ قُرَيْشٍ مِمَّنْ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ، ثُمَّ طَعَنَ فِي لَبَّةِ بَعِيرِهِ ثُمَّ أَرْسَلَهُ فِي الْعَسْكَرِ فَلَمْ يَبْقَ خِبَاءٌ مِنْ أَخْبِيَةِ قُرَيْشٍ إِلَّا أَصَابَهُ دَمُهُ وَمَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلم عَلَى وَجْهِهِ ذَلِكَ فَذَكَرَ مَسِيرَهُ حَتَّى إِذَا كَانَ قَرِيبًا مِنَ الصَّفْرَاءِ بَعَثَ بَسْبَسَ بْنَ عَمْرٍو وَعَدِيَّ بن أبي الزغباء الجهنبين [ (١٩) ] يَلْتَمِسَانِ الْخَبَرَ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ فَانْطَلَقَا حَتَّى وَرَدَا بَدْرًا فَأَنَاخَا بَعِيرَيْهِمَا [ (٢٠) ] إِلَى تَلٍّ مِنَ الْبَطْحَاءِ وَاسْتَقَيَا فِي شَنٍّ لَهُمَا مِنَ الْمَاءِ فَسَمِعَا جَارِيَتَيْنِ تَقُولُ إِحْدَاهُمَا لِصَاحِبَتِهَا إِنَّمَا تَأْتِي الْعِيرُ غَدًا، فَلَخَّصَ بَيْنَهُمَا مَجْدِيُّ بْنُ عَمْرٍو وَقَالَ صَدَقَتْ وَسَمِعَ ذَلِكَ بَسْبَسٌ وَعَدِيٌّ فَجَلَسَا عَلَى بَعِيرَيْهِمَا حَتَّى أَتَيَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلم فَأَخْبَرَاهُ الْخَبَرَ وَأَقْبَلَ أَبُو سُفْيَانَ حِينَ وَلَّيَا وَقَدْ حَذِرَ فَتَقَدَّمَ أَمَامَ عِيرِهِ فَقَالَ لِمَجْدِيِّ بْنِ عَمْرٍو هَلْ أَحْسَسْتَ عَلَى هَذَا الْمَاءِ مِنْ أَحَدٍ تُنْكِرُهُ؟ فَقَالَ: لَا وَاللهِ إِلَّا أَنِّي قَدْ رَأَيْتُ رَاكِبَيْنِ أَنَاخَا إِلَى هَذَا التَّلِّ فَاسْتَقَيَا فِي شَنٍّ لَهُمَا ثُمَّ انْطَلَقَا فَجَاءَ أَبُو سُفْيَانَ مَنَاخَ بَعِيرَيْهِمَا فَأَخَذَ مِنْ أَبْعَارِهِمَا وَفَتَّهُ فَإِذَا فِيهِ النَّوَى فَقَالَ هَذِهِ وَاللهِ عَلَائِفُ يَثْرِبَ ثُمَّ رَجَعَ سَرِيعًا فَضَرَبَ وَجْهَ عِيرِهِ فَانْطَلَقَ بِهَا مُسَاحِلًا حَتَّى إِذَا رَأَى أَنْ قَدْ أَحْرَزَ عِيرَهُ بَعَثَ إِلَى قُرَيْشٍ أَنَّ اللهَ قد نجّا [ (٢١) ] عِيرَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَرِجَالَكُمْ فَارْجِعُوا فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: وَاللهِ لَا نَرْجِعُ حَتَّى نَأْتِيَ بَدْرًا وَكَانَتْ بَدْرٌ سُوقًا مِنْ أَسْوَاقِ الْعَرَبِ فَنُقِيمَ بِهَا ثَلَاثًا فَنُطْعِمَ بِهَا الطَّعَامَ وَنَنْحَرَ بِهَا الْجُزُرَ وَنَسْقِيَ بِهَا الْخَمْرَ وَتَعْزِفَ عَلَيْنَا الْقِيَانُ وَتَسْمَعَ بِنَا الْعَرَبُ وَبِمَسِيرِنَا فَلَا يَزَالُونَ يَهَابُونَنَا بَعْدَهَا أَبَدًا قَالَ الْأَخْنَسُ بْنُ شَرِيقٍ يَا مَعْشَرَ بَنِي زُهْرَةَ إِنَّ الله قد نجا أموالكم ونجا صَاحِبَكُمْ فَارْجِعُوا. فَأَطَاعُوهُ فَرَجَعَتْ زُهْرَةُ فَلَمْ يَشْهَدُوهَا وَلَا بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ وَارْتَحَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ مَسِيرَهُ حَتَّى إِذَا كَانَ بِبَعْضِ وَادِي ذَفَارٍ نَزَلَ وأتاه الخبر


[ (١٩) ] (ص) : «الجهميين» .
[ (٢٠) ] (ص) و (هـ) : «بعيرهما» .
[ (٢١) ] هكذا في (ح) ، و (هـ) ، وفي (ص) : رسمت نجىّ، وكذا في سائر الفقرة.