للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ: فَحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي حَبِيبَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «كَانَ الْمَلَكُ يَتَصَوَّرُ فِي صُورَةِ مَنْ يَعْرِفُونَ مِنَ النَّاسِ يُثَبِّتُونَهُمْ فَيَقُولُ: إِنِّي قَدْ دَنَوْتُ مِنْهُمْ فَسَمِعْتُهُمْ يَقُولُونَ: لَوْ حَمَلُوا عَلَيْنَا مَا ثَبَتْنَا. لَيْسُوا بِشَيْءٍ، فَذَلِكَ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا [ (٤٩) ] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ.

قَالَ فَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ السَّائِبُ بْنُ أَبِي حُبَيْشٍ [ (٥٠) ] يُحَدِّثُ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَقُولُ: «وَاللهِ مَا أَسَرَنِي أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ، فَيُقَالَ: فَمَنْ؟ فَيَقُولُ: لَمَّا انْهَزَمَتْ قُرَيْشٌ انْهَزَمْتُ مَعَهَا فَيُدْرِكُنِي رَجُلٌ أَبْيَضُ طَوِيلٌ عَلَى فَرَسٍ أَبْيَضَ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فَأَوْثَقَنِي رِبَاطًا، وَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَوَجَدَنِي مَرْبُوطًا، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يُنَادِي فِي الْعَسْكَرِ مَنْ أَسَرَ هَذَا فَلَيْسَ يَزْعُمُ أَحَدٌ أَنَّهُ أَسَرَنِي حَتَّى انْتُهِيَ بِي إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللَّه عليه وسلم: يا بن أَبِي حُبَيْشٍ مَنْ أَسَرَكَ؟ فَقُلْتُ: لَا أَعْرِفُهُ، وَكَرِهْتُ أَنْ أُخْبِرَهُ بِالَّذِي رَأَيْتُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَسَرَكَ مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، اذْهَبْ يا بن عَوْفٍ بِأَسِيرِكَ، فَذَهَبَ بِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عوف، فقال


[ () ] حاتم بسند صحيح عن الشعبي أن المسلمين بلغهم يوم بدر أن كرز بن جابر المحاربي مدّ المشركين فشقّ ذلك على المسلمين، فأنزل الله تعالى: أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ الآية، فبلغت كرزا الهزيمة فلم يمد كرز المشركين ولم يمدّ المسلمون. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: هذا- أي القول الأول- هو المعتمد.
[ (٤٩) ] الآية الكريمة (١٢) من سورة الأنفال.
[ (٥٠) ] السَّائِبُ بْنُ أَبِي حُبَيْشٍ بن المطلب بن عبد العزى القرشي الأسدي، ذكره ابن سعد في الطبقة الرابعة ممن أسلم يوم الفتح، وذكره ابن حجر في الإصابة (٢: ٩) ، وقال: «أسلم يوم الفتح وأطعمه رسول الله صلى اللَّه عليه وسلم بخيبر ثلاثين وسقا، ولا أعلمه رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا ... ومات زمن معاوية بالمدينة» .