للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَوْمَ بَدْرٍ، فَمَالَ شِقُّهُ، فَتَفَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عليه وسلم وَلَأَمَهُ وَرَدَّهُ فَانْطَبَقَ» .

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّه قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ قَالَ:

أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ فِي تَسْمِيَةِ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا قَالَ: «وَعُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ وَهُوَ الَّذِي قَاتَلَ بِسَيْفِهِ يَوْمَ بَدْرٍ حَتَّى انْقَطَعَ فِي يَدِهِ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَاهُ جِذْلًا [ (٣) ] مِنْ حَطَبٍ، وَقَالَ: قَاتِلْ بِهَا يَا عُكَّاشَةُ

[ (٤) ] فَلَمَّا أَخَذَهُ مِنْ يد


[ () ] في بعض الطريق انتزع عَبْدُ اللَّه بْنُ طَارِقٍ أحد المسلمين الثلاثة يده من غلّ الأسر ثم أخذ سيفه، فاستأخر عنه القوم وطفقوا يرجمونه بالحجارة حتى قتلوه أمّا الأسيران الآخران فقدمت بهما هذيل مكة وباعتهما من أهلها. باعت زيد بن الدثنّة لصفوان بن أميّة الذي اشتراه ليقتله بأبيه أميّة بن خلف، فدفع به إلى مولاه نسطاس ليقتله. فلما قدّم سأله أبو سفيان: أنشدك اللَّه يا زيد، أتحبّ أنّ محمدا الآن عندنا في مكانك تضرب عنقه وأنت في أهلك؟ قال زيد: واللَّه مَا أُحِبُّ أَنَّ محمدا الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه وأنا جالس في أهلي! فعجب أبو سفيان وقال: ما رأيت من النَّاسِ أحدا يحبّه أصحابه ما يحب أصحاب محمد محمدا. وقتل نسطاط زيدا، فذهب شهيد أمانته لدينه ولنبيه، أمّا خبيب فحبس حتى خرجوا به ليصلبوه. فقال لهم: إن رأيتم أن تدعوني حتى أركع ركعتين فافعلوا، فأجازوه فركع ركعتين أتمّهما وأحسنهما، ثم أقبل على القوم وقال: أما واللَّه لولا أن تظنوا أني إنما طوّلت جزعا من القتل لاستكثرت من الصلاة. ورفعوه إلى خشبة، فلمّا أوثقوه إليها نظر إليهم بعين مغضبة وصاح: «اللهم أحصهم عددا، واقتلهم بددا، ولا تغادر منهم أحدا، فأخذت القوم الرجفة من صيحته، واستلقوا إلى جنوبهم حذر أن تصيبهم لعنته، ثم قتلوه. وكذلك استشهد خبيب كما استشهد زيد في سبيل بارئه وسبيل دينه ونبيه.
وكذلك ارتفع إلى السماء هذان الروحان الطاهران وكان في استطاعة صاحبيهما أن يستنقذهما من القتل إن رضيا الردة عن دينهما لكنهما في يقينهما بالله وبالروح وبيوم البعث، يوم تجزى كل نفس ما كسبت ولا تزر وازرة وزر أخرى، رأيا الموت، وهو غاية كل حيّ، خير ما يكون غاية للحياة في سبيل العقيدة وفي سبيل الإيمان بالحق، ولكنهما آمنا بأن دمهما الزكيّ الطهور الذي أريق على أرض مكة سيدعو إليها إخوانهم المسلمين يدخلونها فاتحين يحطمون أصنامها، ويطهرونها من رجس الوثنيّة والشرك، ويردون فيها إلى الكعبة بيت اللَّه ما يجب لبيت اللَّه من تقديس وتنزّه عن أن يذكر فيه اسم غير اسم اللَّه.
[ (٣) ] (ص) و (هـ) : «خذلا وهو تصحيف.
[ (٤) ] هو عكاشة بن محصن بن حرثان من السابقين الأولين، شهد بدرا، وجاء ذكره في الصحيحين في