للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَا يَعْلَمُ بِنُفْرَةِ قُرَيْشٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: أَشِيرُوا عَلَيْنَا فِي أَمْرِنَا وَمَسِيرِنَا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّه إِنَّا أَعْلَمُ النَّاسِ بِمَسَافَةِ الْأَرْضِ: أَخْبَرَنَا عَدِيُّ بْنُ أَبِي الزَّغْبَاءِ أَنَّ الْعِيرَ كَانَتْ بِوَادِي كَذَا وَكَذَا قَالَ: ابْنُ فُلَيْحٍ فِي رِوَايَتِهِ: فَكَأَنَّا وَإِيَّاهُمْ فَرَسَا رِهَانٍ إِلَى بَدْرٍ ثُمَّ اتَّفَقَا قَالَ: ثُمَّ قَالَ أَشِيرُوا عَلَيَّ. فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ يَا رَسُولَ اللَّه إِنَّهَا قُرَيْشٌ وَعِزُّهَا واللَّه مَا ذَلَّتْ مُنْذُ عَزَّتْ وَلَا آمَنَتْ مُنْذُ كَفَرَتْ، واللَّه لَتُقَاتِلَنَّكَ.

فَتَأَهَّبْ لِذَلِكَ أُهْبَتَهُ وَأَعْدِدْ لَهُ عُدَّتَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَشِيرُوا عَلَيَّ، فَقَالَ الْمِقْدَادُ بْنُ عَمْرٍو عَدِيدُ بَنِي زُهْرَةَ: إِنَّا لَا نَقُولُ لَكَ كَمَا قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى: اذْهَبْ أَنْتَ وربك فقاتلا إنا ها هنا قَاعِدُونَ، وَلَكِنِ اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَّبِعُونَ.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَشِيرُوا عَلَيَّ، فَلَمَّا رَأَى سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ كَثْرَةَ اسْتَشَارَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ فَيُشِيرُونَ فَيَرْجِعُ إِلَى الْمَشُورَةِ ظَنَّ سَعْدٌ أَنَّهُ يَسْتَنْطِقُ الْأَنْصَارَ شَفَقًا [أَلَّا] [ (٨) ] يَسْتَحْوِذُوا مَعَهُ أَوْ قَالَ: أَلَّا يَسْتَجْلِبُوا مَعَهُ عَلَى مَا يُرِيدُ مِنْ أَمْرِهِ، فَقَالَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ لَعَلَّكَ يَا رَسُولَ اللَّه تَخْشَى أَنْ لَا تَكُونَ الْأَنْصَارُ يُرِيدُونَ مُوَاسَاتَكَ وَلَا يَرَوْنَهَا حَقًّا عَلَيْهِمْ إِلَّا بِأَنْ يَرَوْا عَدُوًّا فِي بُيوتِهِمْ وَأَوْلَادِهِمْ وَنِسَائِهِمْ.

وَإِنِّي أَقُولُ عَنِ الْأَنْصَارِ وَأُجِيبُ عَنْهُمْ يَا رَسُولَ اللَّه، فَأَظْعِنْ حَيْثُ شِئْتَ وَصِلْ حَبْلَ مَنْ شِئْتَ، وَاقْطَعْ حَبْلَ مَنْ شِئْتَ، وَخُذْ مِنْ أَمْوَالِنَا مَا شِئْتَ، وَأَعْطِنَا مَا شِئْتَ، وَمَا أَخَذْتَهُ مِنَّا أَحَبُّ إِلَيْنَا مِمَّا تَرَكْتَ عَلَيْنَا، وَمَا ائْتَمَرْتَ مِنْ أَمْرٍ فَأَمْرُنَا لِأَمْرِكَ فِيهِ تَبَعٌ، فو اللَّه لَوْ سِرْتَ حَتَّى تَبْلُغَ الْبَرْكَ مِنْ غِمْدِ ذِي يَمَنٍ لَسِرْنَا مَعَكَ.

فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ سَعْدٌ قَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سِيرُوا عَلَى اسْمِ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فَإِنِّي قَدْ أُرِيتُ مَصَارِعَ الْقَوْمِ فَعَمَدَ لِبَدْرٍ.


[ (٨) ] رسمت في (هـ) : «أن لا» .