للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالَ أَبُو جَهْلٍ اللهُمَّ انْصُرْ خَيْرَ الدِّينَيْنِ، اللهُمَّ دِينُنَا الْقَدِيمُ، وَدِينُ مُحَمَّدٍ الْحَدِيثُ، وَنَكَصَ الشَّيْطَانُ عَلَى عَقِبَيْهِ حِينَ رَأَى الْمَلَائِكَةَ، وَتَبَرَّأَ مِنْ نَصْرِ أَصْحَابِهِ، فَأَوْحَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ إِلَى الْمَلَائِكَةِ وَأَمَرَهُمْ بِأَمْرِهِ وَحَدَّثَهُمْ أَنَّهُ مَعَهُمْ، وَأَمَرَ بِنَصْرِ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ وَأَخَذَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِلْءَ كَفَّهِ مِنَ الْحَصْبَاءِ فَرَمَى بِهَا وُجُوهَ الْمُشْرِكِينَ فَجَعَلَ اللَّه [تَبَارَكَ وَتَعَالَى] [ (١٦) ] تِلْكَ الْحَصْبَاءَ عَظِيمًا شَأْنُهَا لَمْ تَتْرُكْ مِنَ الْمُشْرِكينَ رَجُلًا إِلَّا مَلَأَتْ عَيْنَيْهِ، وَجَعَلَ الْمُسْلِمُونَ بِهِمْ قَتْلًا مَعَهُمُ اللَّه وَالْمَلَائِكَةُ يَقْتُلُونَهُمْ وَيَأْسِرُونَهُمْ وَيَجِدُونَ النَّفَرَ كُلَّ رَجُلٍ مِنْهُمْ مُنْكَبًّا عَلَى وَجْهِهِ، لَا يَدْرِي أَيْنَ يَتَوَجَّهُ يُعَالِجُ التُّرَابَ يَنْزِعُهُ مِنْ عَيْنَيْهِ.

وَكَانَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عليه وسلم قَدْ أَمَرَ الْمُسْلِمِينَ قَبْلَ الْقِتَالِ إِنْ رَأَوُا الظُّهُورَ أَنْ لَا يَقْتُلُوا عَبَّاسًا، وَلَا عَقِيلًا، وَلَا نَوْفَلَ بْنَ الْحَرْثِ وَلَا الْبَخْتَرِيَّ فِي رِجَالٍ، فَأُسِرَ هَؤُلَاءِ النَّفَرُ فِي رِجَالٍ مِمَّنْ أَوْصَى بِهِمْ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عليه وسلم وَغَيْرِهِمْ إِلَّا أَبَا الْبَخْتَرِيِّ فإنه أبا أَنْ يَسْتَأْسِرَ وَذَكَرُوا لَهُ- زَعَمُوا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسلم قَدْ أَمَرَهُمْ أَنْ لَا يَقْتُلُوهُ إِنِ اسْتَأْسَرَ، فَأَبَى وَأُسِرَ بَشَرٌ كَثِيرٌ مِمَّنْ لَمْ يَأْمُرِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِسَارِهِ الْتِمَاسَ الْفِدَاءِ، قَالَ: وَيَزْعُمُ نَاسٌ أَنَّ أَبَا الْيَسَرِ قَتَلَ أَبَا الْبَخْتَرِيِّ- وَيَأْبَى عَظِيمُ النَّاسِ، إِلَّا أَنَّ الْمُجَدَّرَ، هُوَ الَّذِي قَتَلَهُ، بَلْ قَتَلَهُ أَبُو دَاوُدَ الْمَازِنِيُّ، وَسَلَبَهُ سَيْفَهُ وَكَانَ عِنْدَ بَنِيهِ حَتَّى بَاعَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضِ بَنِي أَبِي البختري وقال المجدّر:

بَشِّرْ بِيُتْمٍ إِنْ لَقِيتَ الْبَخْتَرِي ... وَبَشِّرَنْ بِمِثْلِهَا مِنِّي بَنِي

أَنَا الَّذِي أَزْعُمُ أَصْلِي مِنْ بَلِي ... أَطْعَنُ بِالْحَرْبَةِ حَتَّى تَنْثَنِي

وَلَا تَرَى مُجَدَّرًا يَفْرِي فَرِي

فَزَعَمُوا أَنَّهُ نَاشَدَهُ إِلَّا اسْتَأْسَرَ وأَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ قَتْلِهِ إن


[ (١٦) ] ليست في (ح) .