للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَوْمَ الْأَحَدِ شَدَّ الضُّحَى، وَفَارَقَ عَبْدُ اللَّه بْنُ رَوَاحَةَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ [ (٧) ] بِالْعَقِيقِ [ (٨) ] ، فَجَعَلَ عَبْدُ اللَّه يُنَادِي عَلَى رَاحِلَتِهِ: يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَبْشِرُوا بِسَلَامَةِ رَسُولِ اللَّه صلى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَتْلِ الْمُشْرِكِينَ وَأَسْرِهِمْ: قُتِلَ ابْنَا رَبِيعَةَ، وَابْنَا الْحَجَّاجِ، وَأَبُو جَهْلٍ، وَقُتِلَ زَمْعَةُ بْنُ الْأَسْوَدِ، وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، وَأُسِرَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، وَقَالَ: عَاصِمُ بْنُ عَدِيٍّ، فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَنَحَوْتُهُ فَقُلْتُ: أَحَقًّا ما تقول يا بن رَوَاحَةَ؟ قَالَ: إِي واللَّه وَغَدًا يَقْدَمُ رَسُولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بِالْأَسْرَى مُقَرَّنِينَ ثُمَّ تَبِعَ دُورَ الْأَنْصَارِ بِالْعَالِيَةِ يُبَشِّرُهُمْ دَارًا دَارًا وَالصِّبْيَانُ يَشْتَدُّونَ مَعَهُ يَقُولُونَ قُتِلَ أَبُو جَهْلٍ الْفَاسِقُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ.

وَقَدِمَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ عَلَى نَاقَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عليه وسلم الْقَصْوَاءَ يَبَشِّرُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ، فَلَمَّا جَاءَ الْمُصَلَّى صَاحَ عَلَى رَاحِلَتِهِ: قُتِلَ عُتْبَةُ وَشَيْبَةُ ابْنَا رَبِيعَةَ، وَابْنَا الْحَجَّاجِ، وَأَبُو جَهْلٍ، وَأَبُو الْبَخْتَرِيِّ، وَزَمْعَةُ بْنُ الْأَسْوَدِ، وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، وَأُسِرَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، وَذُو الْأَنْيَابِ فِي أَسْرَى كَثِيرٍ، فَجَعَلَ النَّاسُ لَا يُصَدِّقُونَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ، وَيَقُولُونَ: مَا جَاءَ زَيْدٌ إِلَّا فَلًّا. حَتَّى غَاظَ الْمُسْلِمِينَ ذَلِكَ وَخَافُوا.

وَقَدِمَ زَيْدٌ حِينَ سَوَّوْا عَلَى رُقَيَّةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّه صلى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التُّرَابَ بِالْبَقِيعِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ لِأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ: قُتِلَ صَاحِبُكُمْ وَمَنْ مَعَهُ. وَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ لِأَبِي لُبَابَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ: قَدْ تَفَرَّقَ أَصْحَابُكُمْ تَفَرُّقًا لَا يَجْتَمِعُونَ مِنْهُ أَبَدًا وَقَدْ قُتِلَ عِلْيَةُ أَصْحَابِهِ وَقُتِلَ مُحَمَّدٌ هَذِهِ نَاقَتُهُ نَعْرِفُهَا وَهَذَا زَيْدٌ لَا يدْرَى مَا يَقُولُ مِنَ الرُّعْبِ وَجَاءَ فَلًّا.

قَالَ أَبُو لُبَابَةَ: يُكَذِّبُ اللَّه تَعَالَى قَوْلَكَ. وَقَالَتِ الْيَهُودُ مَا جَاءَ زَيْدٌ إلا فلّا


[ (٧) ] (ص) : «زيد بن ثابت» وهو تحريف من الناسخ.
[ (٨) ] (العقيق) الوادي الذي شقه السيل قديما، وهو في بلاد العرب عدة مواضع، منها العقيق الأعلى عند مدينة الرسول صلى اللَّه عليه وسلم.