للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَتُقْتَلُ آبَاؤُنَا وَإِخْوَانُنَا وَعَشَائِرُنَا، وَيُتْرَكُ الْعَبَّاسُ، وَاللهِ لَئِنْ لَقِيتُهُ لَأُلْحِمَنَّهُ بِالسَّيْفِ، فَبَلَغَتْ رَسُولَ اللهِ صلى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: يَا أَبَا حَفْصٍ- قَالَ عُمَرُ:

رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَإِنَّهُ لَأَوَّلُ يَوْمٍ كَنَّانِي فِيهِ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عليه وَسَلَّمَ: أَيُضْرَبُ وَجْهُ عَمِّ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسَّيْفِ؟ فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّه ائْذَنْ لِي فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ فو اللَّه لَقَدْ نَافَقَ، فَكَانَ أَبُو حُذَيْفَةَ يَقُولُ: واللَّه مَا آمَنُ مِنْ تِلْكَ الْكَلِمَةِ الَّتِي قُلْتُ وَلَا أَزَالُ مِنْهَا خَائِفًا إِلَّا أَنْ يُكَفِّرَهَا اللَّه تَعَالَى عَنِّي بِشَيْءٍ، فَقُتِلَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ شَهِيدًا» [ (١٩) ] .

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَإِنَّمَا نَهَى رَسُولُ اللَّه صلى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَتْلِ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ لِأَنَّهُ كَانَ أَكَفَّ الْقَوْمِ عَنْ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِمَكَّةَ وَكَانَ لَا يُؤْذِيهِ وَلَا يَبْلُغُهُ عَنْهُ شَيْءٌ يَكْرَهُهُ ثُمَّ ذَكَرَ قِصَّةَ امْتِنَاعِهِ مِنَ الْأَسْرِ حَتَّى قُتِلَ» .

وأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّه قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، قَالَ:

أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: قَالَ: حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللَّه بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «لَمَّا أَمْسَى رَسُولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وَسَلَّمَ يَوْمَ بَدْرٍ وَالْأُسَارَى مَحْبُوسُونَ بِالْوَثَاقِ، بَاتَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عليه وَسَلَّمَ سَاهِرًا أَوَّلَ اللَّيْلِ، فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ: يَا رَسُولَ اللَّه! مالك لَا تَنَامُ؟ - وَقَدْ أَسَرَ الْعَبَّاسَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ- فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سَمِعْتُ أَنِينَ عَمِّيَ الْعَبَّاسِ فِي وَثَاقِهِ، فَأَطْلَقُوهُ فَسَكَتَ فَنَامَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» [ (٢٠) ] .

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: «وَكَانَ أَكْثَرُ الْأُسَارَى يَوْمَ بَدْرٍ فِدَاءً الْعَبَّاسَ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ رَجُلًا مُوسِرًا فَافْتَدَى نَفْسَهُ بِمِائَةِ أُوقِيَّةِ ذَهَبٍ» [ (٢١) ] .

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، بِبَغْدَادَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّه بن عتاب العبدي: قَالَ: أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّه بْنِ


[ (١٩) ] الخبر في سيرة ابن هشام (٢: ٢٦٩- ٢٧٠) .
[ (٢٠) ] ذكره ابن هشام في السيرة، وعنه وعن المصنف نقله ابن كثير في التاريخ (٣: ٢٩٩) .
[ (٢١) ] السيرة الشامية (٤: ١٠٥) .