للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بن الزُّبَيْرِ وَيَزِيدُ بْنُ رُومَانَ، قَالَ: وحَدَّثَنِي مَنْ لَا أَتَّهِمُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّه بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، قَالُوا:

«لَمَّا رَجَعَ أَبُو سُفْيَانَ إِلَى مَكَّةَ، وَرَجَعَ فَلُّ قُرَيْشٍ مِنْ يَوْمِ بَدْرٍ، نَذَرَ أَبُو سُفْيَانَ أَنْ لَا يَمَسَّ رَأْسَهُ مَاءٌ مِنْ جَنَابَةٍ حَتَّى يَغْزُوَ مُحَمَّدًا، فَخَرَجَ فِي مِائَتَيْ رَاكِبٍ مِنْ قُرَيْشٍ لِيَبَرَّ يَمِينَهُ فَسَلَكَ النَّجْدِيَّةَ حَتَّى نَزَلَ بِصُدُورِ قَنَاةٍ إلى جبل ثيب مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى بَرِيدٍ أَوْ نَحْوِهِ، ثُمَّ خَرَجَ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى أَتَى بَنِي النَّضِيرِ، فَأَتَى حُيَيَّ ابن أَخْطَبَ فَضَرَبَ عَلَيْهِ بَابَهُ فَأَبَى أَنْ يَفْتَحَ لَهُ الْبَابَ وَخَافَهُ، فَانْصَرَفَ عَنْهُ إِلَى سَلَّامِ بْنِ مِشْكَمٍ وَكَانَ سَيِّدَ بَنِي النَّضِيرِ زَمَانَهُ ذَلِكَ وَصَاحِبَ كَنْزِهِمْ فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ فَأَذِنَ لَهُ وَقَرَاهُ [ (٦) ] وَسَقَاهُ وَأَبْطَنَ لَهُ مِنْ خَبَرِ النَّاسِ، ثُمَّ خَرَجَ فِي عَقِبِ لَيْلَتِهِ حَتَّى أَتَى أَصْحَابَهُ فَبَعَثَ رِجَالًا مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى الْمَدِينَةِ فَأَتَوْا نَاحِيَةً مِنْهَا يُقَالُ لَهَا: مَكَانُ الْعُرَيْضِ [ (٧) ] فَخَرَجُوا فِي أَصْوَارٍ مِنْ نَخْلٍ، وَوَجَدُوا رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ وَحَلِيفًا لَهُ فِي حَرْثٍ لَهُمَا فَقَتَلُوهُمَا ثُمَّ انْصَرَفُوا رَاجِعِينَ وَنَذَرَ بِهِمُ النَّاسُ [ (٨) ] فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَلَبِهِمْ حَتَّى بَلَغَ قَرْقَرَةَ الْكُدْرِ ثُمَّ انْصَرَفَ رَاجِعًا وَقَدْ فَاتَهُ أَبُو سُفْيَانَ وَأَصْحَابُهُ وَقَدْ رَأَوْا أَزْوَادًا مِنْ أَزْوَادِ الْقَوْمِ قَدْ طَرَحُوهَا فِي الْجُرُبِ يَتَخَفَّفُونَ مِنْهَا لِلْنَجَاءِ [ (٩) ] ،

فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ حِينَ رَجَعَ بِهِمْ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا رَسُولَ اللَّه أَنَطْمَعُ أَنْ تَكُونَ لَنَا غَزْوَةً؟ فَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَمْ ثُمَّ ذَكَرَ شِعْرَ أَبِي سُفْيَانَ وَجَوَابَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ إِيَّاهُ [ (١٠) ] .

قُلْتُ: وَكَأَنَّهُمْ إنما سمعوا غَزْوَةَ أَبِي سُفْيَانَ غَزْوَةَ السَّوِيقِ لِكَوْنِ السَّوِيقِ فِي أَزْوَادِهِمُ الَّتِي طَرَحُوهَا» . واللَّه أعلم.


[ (٦) ] (قراه) : صنع له القرى، وهو الطعام الذي يقدم للضيف.
[ (٧) ] هو واد بالمدينة.
[ (٨) ] (نذر بهم الناس) علم.
[ (٩) ] (النجاء) السرعة.
[ (١٠) ] سيرة ابن هشام (٢: ٤٢٢- ٤٢٣) .