للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِأَصْحَابِهِ: عَجِلَ أَبُو الْقَاسِمِ أَنْ يُقِيمَ أَمْرَنَا فِي حَاجَتِهِ الَّتِي جَاءَ لَهَا، ثُمَّ قَامَ أَصْحَابُ رَسُولِ الله صلى اللَّه عليه وَسَلَّمَ فَرَجَعُوا وَنَزَلَ الْقُرْآنُ وَاللهُ أَعْلَمُ بِالَّذِي أَرَادَ أَعْدَاءُ اللهِ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ- إِلَى قَوْلِهِ- وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ [ (١٢) ] .

فَلَمَّا أَظْهَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ رَسُولَهُ صلى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا أَرَادُوا بِهِ وَعَلَى خِيَانَتِهِمْ أَمَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ رسوله صلى اللَّه عليه وَسَلَّمَ بِإِجْلِائِهِمْ وَإِخْرَاجِهِمْ مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسِيرُوا حَيْثُ شَاءُوا وَقَدْ كَانَ النِّفَاقُ قَدْ كَثُرَ فِي الْمَدِينَةِ فَقَالُوا أَيْنَ تُخْرِجُنَا؟ قَالَ أُخْرِجُكُمْ إِلَى الْحَبْسِ

[ (١٣) ] ، فَلَمَّا سَمِعَ الْمُنَافِقُونَ مَا يُرَادُ بِإِخْوَانِهِمْ وَأَوْلِيَائِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أَرْسَلُوا إِلَيْهِمْ فَقَالُوا لَهُمْ إِنَّا مَعَكُمْ مَحْيَانَا وَمَمَاتَنَا إِنْ قُوتِلْتُمْ فَلَكُمْ عَلَيْنَا النَّصْرُ وَإِنْ أُخْرِجْتُمْ لَمْ نَتَخَلَّفْ عَنْكُمْ وَسَيِّدُ الْيَهُودِ أَبُو صَفِيَّةَ حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ- فَلَمَّا وَثِقُوا بِأَمَانِيِّ الْمُنَافِقِينَ عَظُمَتْ غِرَّتُهُمْ وَمَنَّاهُمُ الشَّيْطَانُ الظُّهُورَ فَنَادَوَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ إِنَّا واللَّه لَا نَخْرُجُ وَلَئِنْ قَاتَلْتَنَا لَنُقَاتِلَنَّكَ.

فَمَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسلم لِأَمْرِ اللَّه تَعَالَى فِيهِمْ فَأَمَرَ أَصْحَابَهُ فَأَخَذُوا السِّلَاحَ ثُمَّ مَضَى إِلَيْهِمْ وَتَحَصَّنَتِ الْيَهُودُ فِي دُورِهِمْ وَحُصُونِهِمْ فَلَمَّا انْتَهَى رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسلم إِلَى أَزِقَّتِهِمْ وَحُصُونِهِمْ، كَرِهَ أَنْ يُمَكِّنَهُمْ مِنَ الْقِتَالِ فِي دُورِهِمْ وَحُصُونِهِمْ وَحَفِظَ اللَّه عز وجل له أَمْرَهُ وَعَزَمَ عَلَى رُشْدِهِ فَأَمَرَ بِالْأَدْنَى فَالْأَدْنَى مِنْ دُورِهِمْ أَنْ تُهَدَّمَ وَبِالنَّخْلِ أَنْ تُحْرَقَ وَتُقْطَعَ وَكَفَّ اللَّه تَعَالَى أَيْدِيَهُمْ وَأَيْدِيَ الْمُنَافِقِينَ فَلَمْ يَنْصُرُوهُمْ وَأَلْقَى اللَّه عز وجل فِي قُلُوبِ الْفَرِيقَيْنِ كِلَاهُمَا الرُّعْبَ، ثُمَّ جَعَلَتِ الْيَهُودُ كُلَّمَا خَلَصَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عليه وسلم مِنْ هَدْمِ مَا يَلِي مَدِينَتَهُ أَلْقَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ في قلوبهم


[ (١٢) ] الآية الكريمة (١١) من سورة المائدة.
[ (١٣) ] في (ح) : «الحبش» .