للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثُمَّ إِنَّ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ خَرَجَ يَوْمَ أُحُدٍ فَدَعَا إِلَى الْبِرَازِ، فَأَحْجَمَ النَّاسُ عَنْهُ حَتَّى دَعَا ثَلَاثًا وَهُوَ عَلَى جَمَلٍ لَهُ، فَقَامَ إِلَيْهِ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، فَوَثَبَ عَلَيْهِ وَهُوَ عَلَى بَعِيرِهِ فَاسْتَوَى مَعَهُ عَلَى رَحْلِهِ، ثُمَّ عَانَقَهُ فَأَقْبَلَا فَوْقَ الْبَعِيرِ جَمِيعًا،

فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الَّذِي يَلِي حَضِيضَ الْأَرْضِ مَقْتُولٌ، فَوَقَعَ الْمُشْرِكُ وَوَقَعَ الزُّبَيْرُ عَلَيْهِ فَذَبَحَهُ بِسَيْفِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

ادْنُ يا بن صَفِيَّةَ، فَلَقَدْ قُمْتَ وَإِنِّي لَأَهُمُّ بِالْقِيَامِ إِلَيْهِ وَذَلِكَ لِمَا رَأَى مِنْ إِحْجَامِ الْقَوْمِ عَنْهُ، ثُمَّ قَرَّبَ رسول اللَّه صلى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزُّبَيْرَ فَأَجْلَسَهُ عَلَى فَخِذِهِ، وَقَالَ: إِنَّ لكلّ نبيّ حواريّ وَالزُّبَيْرُ حَوَارِيَّ.

قَالَ: وَأَمَّرَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عليه وسلم عَلَى الرُّمَاةِ عَبْدَ اللَّه بْنَ جُبَيْرٍ أَخَا بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَالرُّمَاةُ خَمْسُونَ رَجُلًا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسلم: «انْضَحْ عَنَّا الْخَيْلَ [ (١٤) ] بِالنَّبْلِ لَا يَأْتُونَنَا مِنْ خَلْفِنَا إِنْ كَانَتْ لَنَا أَوْ عَلَيْنَا فَاثْبُتْ مَكَانَكَ لَا تؤتينّ مِنْ قِبَلِكَ» ، وَظَاهَرَ رَسُولُ اللَّه صلى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ بَيْنَ دِرْعَيْنِ [ (١٥) ] .

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَالْتَقَوْا يَوْمَ السَّبْتِ لِلنِّصْفِ مِنْ شَوَّالٍ، وَاقْتَتَلَ النَّاسُ حَتَّى حَمِيَتِ الْحَرْبُ، وَقَاتَلَ أَبُو دُجَانَةَ حَتَّى أَمْعَنَ فِي النَّاسِ، وَحَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فِي رِجَالٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ نَصْرَهُ وَصَدَقَهُمْ وَعْدَهُ فَحَسُّوهُمْ بِالسُّيوفِ حَتَّى كَشَفُوهُمْ عَنِ الْعَسْكَرِ، وَكَانَتِ الْهَزِيمَةُ لَا شَكَّ فِيهَا [ (١٦) ] .

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّه الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ


[ (١٤) ] (انضح الخيل عنا) «ادفعها عنا» .
[ (١٥) ] (ظاهر بين درعين) لبس درعا فوق درع.
[ (١٦) ] من أول الرواية عن ابي إسحاق حتى ههنا مقتطفات من سيرة ابن هشام (٣: ٣- ١٠) .