للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُجَوِّبٌ عَلَيْهِ بِحَجَفَةٍ [ (٢٩) ] مَعَهُ وَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ رَجُلًا رَامِيًا شَدِيدَ النَّزْعِ كَسَرَ يَوْمَئِذٍ قَوْسَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، وَكَانَ الرَّجُلُ يَمُرُّ بِالْجَعْبَةِ [ (٣٠) ] فِيهَا النَّبْلُ فَيَقُولُ: انْثُرْهَا لِأَبِي طَلْحَةَ، وَيُشْرِفُ نَبِيُّ اللَّه صلى اللَّه عليه وَسَلَّمَ فَيَنْظُرُ إِلَى الْقَوْمِ فَيَقُولُ أَبُو طَلْحَةَ [ (٣١) ] : يَا نَبِيَّ اللَّه بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي لَا تُشْرِفْ [ (٣٢) ] لَا يُصِبْكَ سَهْمٌ مِنْ سِهَامِ الْقَوْمِ، نَحْرِي دُونَ نَحْرِكَ [ (٣٣) ] وَلَقَدْ رَأَيْتُ عَائِشَةَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ وَأُمَّ سُلَيْمٍ وَإِنَّهُمَا مُشَمِّرَتَانِ أَرَى خَدَمَ سُوقِهِمَا [ (٣٤) ] ، يَنْقُلَانِ الْقِرَبَ عَلَى مُتُونِهِمَا [ (٣٥) ] ثُمَّ يُفْرغَانِهِ فِي أَفْوَاهِ الْقَوْمِ وَتَرْجِعَانِ فَتَمْلَآنِهَا، ثُمَّ تَجِيئَانِ فَتُفْرِغَانِهِ فِي أَفْوَاهِ الْقَوْمِ، وَلَقَدْ وَقَعَ السَّيْفُ مِنْ يَدِ أَبِي طَلْحَةَ مِنَ النُّعَاسِ [ (٣٦) ] إِمَّا مرّتين وإمّا ثلاثا.


[ (٢٩) ] (مجوب عليه بحجفة) أي: مترس عنه ليقيه سلاح الكفار، وأصل التجويب: الاتقاء بالجوب، كثوب، وهو الترس.
[ (٣٠) ] (الجعبة) الكنانة التي تجعل فيها السهام.
[ (٣١) ] هو زيد بن سهل بن الأسود بن حرام الخزرجي البخاري، أبو طلحة الأنصاري، صَاحِبِ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَنْ بني أخواله، وأحد اعيان البدريين، واحد النقباء الاثنى عشر ليلة العقبة،
قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسلم: «صوت ابي طلحة في الجيش خير من فئة»
مسند أحمد (٣: ٢٠٣) ، والمستدرك (٣: ٣٥٢) .
حارب في بدر، وأحد، وشهد المشاهد كلها،
وفي حنين قَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عليه وسلم: «من قتل قتيلا فَلَهُ سَلَبُهُ» ،
فَقَتَلَ أَبُو طَلْحَةَ يَوْمَئِذٍ عِشْرِينَ رَجُلًا، وأخذ أسلابهم» . أبو داود (٣: ٧١) ، والمستدرك (٣: ٣٥٣) .
قال له بنوه: قد غزوت عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسلم، وأبي بكر، وعمر، فنحن نغزو عنك، فأبى، فغزا في البحر، فمات، فلم يجدوا له جزيرة يدفنونه فيها الا بعد سبعة أيام، فلم يتغير.
وكان جلدا، صيّتا، مربوعا، روى عن النبي صلّى اللَّه عليه وسلم نيفا وعشرين حديثا.
[ (٣٢) ] (لا تشرف) : أي لا تتطلع من أعلى.
[ (٣٣) ] جملة دعائية معناها: جعل اللَّه نحري أقرب الى السهام من نحرك، لأصاب بها دونك.
[ (٣٤) ] (خدم سوقهما) الواحدة خدمة، وهي الخلخال.
[ (٣٥) ] (على متونهما) اي على ظهورهما.
[ (٣٦) ] هو النعاس الذي منّ اللَّه به على أهل الصدق واليقين من المؤمنين يوم أحد، فإنه تعالى لما علم ما في قلوبهم من الغم، وخوف كرّة الأعداء، صرفهم عن ذلك بإنزال النعاس عليهم لئلا يوهنهم