للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول الله صلى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا أَبُو بَكْرٍ وَهَا أَنَا ذَا عُمَرُ. فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ، الْأَيَّامُ دُوَلٌ وَإِنَّ الْحَرْبَ سِجَالٌ، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: لَا سَوَاءً قَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلَاكُمْ فِي النَّارِ قَالَ: إِنَّكُمْ لَتَزْعُمُونَ ذَلِكَ لَقَدْ خِبْنَا إِذًا وَخَسِرْنَا ثُمَّ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ أَمَا إِنَّكُمْ سَوْفَ تَجِدُونَ فِي قَتْلَاكُمْ مُثَلًا وَلَمْ يَكُنْ ذَاكَ عَنْ رَأْيِ سَرَاتِنَا ثُمَّ أَدْرَكَتْهُ حَمِيَّةُ الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَ: أَمَا إِنَّهُ إِذْ كَانَ لَمْ نَكْرَهْهُ. لَفْظُ حَدِيثِ الدَّارِمِيِّ [ (١٨) ] .

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّه الْحَافِظُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ، قَالَ: فَلَمَّا لَحِقَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ وَنَظَرُوا إِلَيْهِ وَمَعَهُ:

طَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، وَسَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ الصِّمَّةِ، أَخُو بَنِي النَّجَّارِ ظَنَّ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّه صلى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ مِنَ الْعَدُوِّ، فَوَضَعَ أَحَدُهُمْ سَهْمًا عَلَى كَبِدِ قَوْسِهِ فَأَرَادَ أَنْ يَرْمِيَ، فَلَمَّا تَكَلَّمُوا وَنَادَاهُمْ رسول اللَّه صلى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَأَنَّهُمْ لَمْ يُصِبْهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ ضَرَرٌ حِينَ أَبْصَرُوا رَسُولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، وَعَلِمُوا أَنَّهُ حَيٌّ، فَبَيْنَاهُمْ كَذَلِكَ عَرَضَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ بِفِتْنَتِهِ وَبِوَسْوَسَتِهِ وَتَحْزِينِهِ حِينَ أَبْصَرُوا عَدُوَّهُمْ قَدِ انْفَرَجُوا عَنْهُمْ يَذْكُرُونَ قَتْلَاهُمْ وَإِخْوَانَهُمْ، وَيَسْأَلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا عَنْ قَتْلَاهُمْ، وَاشْتَدَّ حُزْنُهُمْ، فَرَدَّ اللَّه الْمُشْرِكِينَ عَلَيْهِمْ وَغَمَّهُمْ بِهِ لِيُذْهِبَ الْحُزْنَ عَنْهُمْ فَإِذَا عَدُوُّهُمْ فَوْقَ الْجَبَلِ قَدْ عَلَوْا، فَنَسُوا عِنْدَ ذَلِكَ الْحُزْنَ وَالْهُمُومَ عَلَى إِخْوَانِهِمْ ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعاساً يَغْشَى طَائِفَةً مِنْهُمْ وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ إِلَى قَوْلِهِ: وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ [ (١٩) ]

فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللهُمَّ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَظْهَرُوا عَلَيْنَا» ،

ثُمَّ دَعَا وَنَدَبَ أَصْحَابَهُ فَانْتَدَبَ مَعَهُ عِصَابَةٌ فَأَصْعَدُوا فِي الشِّعْبِ حَتَّى كَانُوا هُمْ وَالْعَدُوُّ عَلَى السَّوَاءِ، ثُمَّ رَمَوْا وطاعنوا حتى أهبطوهم


[ (١٨) ] وروى طرفا منه الطبري في تاريخه (٢: ٥٠٨) ، وفي تفسيره (٧: ٢٨٢) .
[ (١٩) ] [آل عمران- ١٥٤] .