للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِهِمَا فَدَفَنَّاهُمَا فِي الْقَتْلَى حَيْثُ قُتِلَا، قَالَ: فَبَيْنَمَا أَنَا فِيَ خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ إِذْ جَاءَنِي رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا جَابِرُ، وَاللهِ، لَقَدْ أَثَارَ أَبَاكَ عُمَّالُ [ (٣٧) ] مُعَاوِيَةَ فَبَدَا فَخَرَجَ طَائِفَةٌ مِنْهُ، قَالَ: فَأَتَيْتُهُ فَوَجَدْتُهُ عَلَى النَّحْوِ الَّذِي تَرَكْتُهُ لَمْ يَتَغَيَّرْ مِنْهُ شَيْءٌ، إِلَّا مَا لَمْ يَدَعِ الْقَتِيلَ، قَالَ: فَوَارَيْتُهُ [ (٣٨) ] .

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بُطَّةَ، قَالَ:

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْجَهْمِ بْنِ مَصْقَلَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ:

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْوَاقِدِيُّ، عَنْ شُيُوخِهِ فِي قِصَّةِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ، قَالُوا: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ: ادْفِنُوا عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ، وَعَمْرَو بْنَ الْجَمُوحِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ، وَيُقَالُ: إِنَّمَا أَمَرَ بِذَلِكَ لِمَا كَانَ بَيْنَهُمَا مِنَ الصَّفَاءِ، فَقَالَ: ادْفِنُوا هَذَيْنِ الْمُتَحَابَّيْنِ فِي الدُّنْيَا، فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ،

وَيُقَالُ إِنَّهُمَا وُجِدَا وَقَدْ مُثِّلَ بِهِمَا كُلُّ الْمُثَلِ، فَلَمْ تُعْرَفْ أَبْدَانُهُمَا، وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو رَجُلًا أَحْمَرَ أَصْلَعَ لَيْسَ بِالطَّوِيلِ، وَكَانَ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ رَجُلًا طويلا، فعرفا ودخل السَّيْلُ عَلَيْهِمَا، وَكَانَ قَبْرُهُمَا مِمَّا يَلِي السَّيْلَ فَحُفِرَ عَنْهُمَا وَعَلَيْهِمَا نَمِرَتَانِ [ (٣٩) ] ، وَعَبْدُ اللهِ قَدْ أَصَابَهُ جُرْحٌ فِي يَدِهِ، فَيَدُهُ عَلَى جُرْحِهِ، فَأُمِيطَتْ يَدُهُ عَنْ جُرْحِهِ فَانْثَعَبَ الدَّمُ فَرُدَّتْ إِلَى مَكَانِهَا فَسَكَنَ الدَّمُ، قَالَ جَابِرٌ: فَرَأَيْتُ أَبِي فِي حُفْرَتِهِ، فَكَأَنَّهُ نَائِمٌ، فَقِيلَ لَهُ: أَفَرَأَيْتَ أَكْفِنَتَهُ؟ فَقَالَ: إِنَّمَا دُفِنَ فِي نَمِرَةٍ خُمِّرَ بِهَا وَجْهُهُ، وَعَلَى رِجْلَيْهِ الْحَرْمَلُ، فَوَجَدْنَا النَّمِرَةَ كَمَا هِيَ وَالْحَرْمَلُ عَلَى رِجْلَيْهِ عَلَى هَيْئَتِهِ، وَبَيْنَ ذَلِكَ سِتٌّ وَأَرْبَعُونَ سَنَةً، فَشَاوَرَهُمْ جَابِرٌ فِي أَنْ يُطَيَّبَ بِمِسْكٍ، فَأَبَى ذَلِكَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسلم.


[ (٣٧) ] سقطت من (أ) .
[ (٣٨) ] هو مطول الحديث السابق، ونقله ابن كثير في البداية والنهاية (٤: ٤٣) بطوله، وقال: «رواه أبو داود، والنسائي من حديث الثوري، والترمذي من حديث شعبة، والنسائي أيضا وابن ماجة مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ بْنِ عيينة، كلهم عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ نُبَيْحٍ، عن جابر.
[ (٣٩) ] في (أ) : «أنمرتان» والنمرة: شملة. فيها خطوط بيض وسود.