للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَدْ جَمَعُوا أَبْنَاءَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ ... وَقُرِّبْتُ مِنْ جِذْعٍ طَوِيلٍ مُمَنَّعِ

إِلَى اللهِ أَشْكُو غُرْبَتِي ثُمَّ كُرْبَتِي ... وَمَا أَرْصَدَ الْأَحْزَابُ لِي عِنْدَ مَصْرَعِي [ (١٧) ]

فَذَا الْعَرْشِ صَبِّرْنِي عَلَى مَا يُرَادُ بِي ... فَقَدْ بَضَعُوا لَحْمِي وَقَدْ يَاسَ مَطْمَعِي [ (١٨) ]

وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الْإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ ... يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلْو مُمَزَّعِ [ (١٩) ]

وَقَدْ خَيَّرُونِي الْكُفْرَ وَالْمَوْتُ دُونَهُ ... وَقَدْ هَمَلَتْ عَيْنَايَ مِنْ غَيْرِ مَجْزَعِ [ (٢٠) ]

وَمَا بِي حِذَارُ الْمَوْتِ إِنِّي لَمَيِّتٌ ... وَلَكِنْ حِذَارِي جحم نار ملفّع [ (٢١) ]

فو الله مَا أَرْجُو إِذَا مِتُّ مُسْلِمًا ... عَلَى أَيِّ جَنْبٍ كَانَ فِي اللهِ مَصْرَعِي [ (٢٢) ]

فَلَسْتُ بِمُبْدٍ لِلْعَدُوِّ تَخَشُّعًا ... وَلَا جَزَعًا إِنِّي إِلَى اللهِ مَرْجِعِي [ (٢٣) ]

قَالَ: وَجَعَلَ عَاصِمٌ يَحْمِلُ عَلَيْهِمْ وَيُزَمْجِرُ، وهو يقول [ (٢٤) ] :

مَا عِلَّتِي وَأَنَا جَلْدٌ نَابِلُ ... وَالْقَوْسُ فِيهَا وَتَرٌ عنابل [ (٢٥) ]


[ (١٧) ] أرصد: اعد وهيأ، والأحزاب: الجماعات، واحدهم حزب، ومصرعي: المكان اصرع فيه:
اي اقتل.
[ (١٨) ] بضعوا: قطعوا، والبضعة من اللحم: القطعة منه، وقوله «ياس» معناه يئس
[ (١٩) ] الأوصال: المفاصل او مجتمع العظام، والشلو- بكسر الشين وسكون اللام- البقية، والممزع:
المقطع.
[ (٢٠) ] هملت عيناي: سال دمعها، والمجزع: مصدر ميمي بمعنى الجزع، وهو الخوف.
[ (٢١) ] الجحم: الملتهب المتقد، ومنه سميت النار جحيما، والملفع: المشتمل ومنه قولهم: تلفع بثوبه، إذا اشتمل به.
[ (٢٢) ] يروي في مكان صدر هذا البيت قوله «ولست أُبَالِي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا» وأرجو في هذا الموضع بمعنى أخاف، وقد حمل كثير من المفسرين على ذلك قول الله تعالى: ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً اي: لا تخافون.
[ (٢٣) ] تخشعا: تذللا، ومنه قول شاعر الحماسة.
فلا تحسبي أني تخشعت بعدكم ... لشيء ولا أني من القيد أفرق
ومرجعي: مصدر ميمي بمعنى الرجوع.
[ (٢٤) ] والخبر والأبيات في سيرة ابن هشام (٣: ١٢١) .
[ (٢٥) ] [النابل: صاحب النبل، ويروي في مكانه «بازل» ومعناه قوي شديد، وعنابل: غليظ شديد.