للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ [ (١٠) ] .

فَيُحْتَمَلُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ قَدْ طَعَنَ في الرابعة عَشْرَةَ يَوْمَ أُحُدٍ فَلَمْ يُجِزْهُ فِي الْقِتَالِ حِينَ عُرِضَ عَلَيْهِ وَكَانَ قَدِ اسْتَكْمَلَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَزَادَ عَلَيْهَا عَامَ الْخَنْدَقِ، فَأَجَازَهُ حِينَ عُرِضَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنَّهُ نَقَلَ الْخَمْسَ عَشْرَةَ لِتَعَلُّقِ الْحُكْمِ بِهَا دُونَ الزِّيَادَةِ، وَذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى ظَاهِرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ، وَحُمِلَ قول موسى بن عقبة عَلَى ظَاهِرِهِ وَأَنَّ أَبَا سُفْيَانَ حِينَ خَرَجَ لِمَوْعِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عليه وَسَلَّمَ فِي شَعْبَانَ ثُمَّ انْصَرَفَ، خَرَجَ مُعِدًّا لِلْقِتَالِ عَامَئِذٍ فِي شَوَّالٍ عَلَى رَأْسِ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ أُحُدٍ، وَذَلِكَ يُخَالِفُ قَوْلَ الْجَمَاعَةِ فِي قَدْرِ الْمُدَّةِ بَيْنَ بَدْرٍ الْآخِرَةِ وَالْخَنْدَقِ، فَقَدْ رُوِّينَا قَبْلَ هَذَا عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ فِي تَارِيخِ خُرُوجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عليه وسلم لِمَوْعِدِ أَبِي سُفْيَانَ أَنَّهُ كَانَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ ثَلَاثٍ، وَالْخَنْدَقُ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ، وَرُوِّينَا عَنْهُ فِي قِصَّةِ الْخَنْدَقِ أَنَّهُ قَالَ: فَخَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ فِي آخِرِ السَّنَتَيْنِ يَعْنِي مِنْ أُحُدٍ، وَقَدْ قَالَ فِي أُحُدٍ إِنَّهُ كَانَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ، فَيَكُونُ قَوْلُهُ فِي أُحُدٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ مَحْمُولًا عَلَى الدُّخُولِ فِي الثَّالِثَةِ قَبْلَ كَمَالِهَا، وَقَوْلُهُ: فِي بَدْرٍ الْآخِرَةِ وَهُوَ خُرُوجُ النَّبِيِّ صلى اللَّه عليه وسلم لِمَوْعِدِ أَبِي سُفْيَانَ سَنَةَ ثَلَاثٍ أَيْ بَعْدَ تَمَامِ ثَلَاثِ سِنِينَ وَدُخُولِ الرَّابِعَةِ، وَقَوْلُهُ فِي الْخَنْدَقِ: سَنَةَ أَرْبَعٍ أَيْ بَعْدَ تَمَامِ أَرْبَعِ سِنِينَ وَالدُّخُولِ فِي الْخَامِسَةِ.

هَذَا عَلَى قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُبْتَدَأَ التَّارِيخِ وَقَعَ مِنْ وَقْتِ قُدُومِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ، وَقَدِ زَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ التَّوَارِيخِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، فَلَمْ يَعُدُّوا مَا بَقِيَ مِنْ تِلْكَ السَّنَةِ، وَإِنَّمَا عَدُّوا مُبْتَدَأَ التَّارِيخِ مِنَ المحرم


[ (١٠) ] أخرجه البخاري في: ٦٤- كتاب المغازي، (٢٩) باب غزوة الخندق.
وأخرجه الترمذي في: ١٣- كتاب الأحكام (٢٤) بَابُ مَا جَاءَ فِي حدّ بلوغ الرجل والمرأة، الحديث (١٣٦١) ، ص (٣: ٦٣٢- ٦٣٣) ، وقال أبو عيسى: «هذا حديث حسن صحيح، والعمل به عند أهل العلم، وبه يقول سفيان الثوري، وابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق: يرون أن الغلام إذا اسْتَكْمَلَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فحكمه حكم الرجال، وإن احتلم قبل خمس عشرة سنة فحكمه حكم الرجال» .