للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أُصِيبَ مَعَهُ مِنَ الْعَشَاءِ، فَقَالَ كَعْبٌ: ائْذَنُوا لَهُ فإنه مشئوم وَاللهِ مَا طُرِفْنَا بِخَيْرٍ، فَدَخَلَ حُيَيٌّ، فَقَالَ: إِنِّي جِئْتُكَ وَاللهِ بِعِزِّ الدَّهْرِ إِنْ لَمْ تَتْرُكْهُ عَلَيَّ، أَتَيْتُكَ بِقُرَيْشٍ [وَسَادَتِهَا وَقَادَتِهَا] [ (١٠) ] وَسُقْتُ إِلَيْكَ الْحَلِيفَيْنِ: أَسَدٌ وَغَطَفَانُ، فَقَالَ كَعْبُ بْنُ أَسَدٍ إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُ مَا جِئْتَ بِهِ كَمَثَلِ سَحَابَةٍ أَفْرَغَتْ مَا فِيهَا ثُمَّ انْطَلَقَتْ، وَيْحَكَ يَا حُيَيُّ دَعْنَا عَلَى عَهْدِنَا لِهَذَا الرَّجُلِ فَإِنِّي لَمْ أَرَ [ (١١) ] رَجُلًا أَصْدَقَ وَلَا أَوْفَى مِنْ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ وَاللهِ مَا أَكْرَهَنَا عَلَى دِينٍ وَلَا غَصَبَنَا مَالًا وَلَا نَنْقِمُ مِنْ مُحَمَّدٍ وَعَمَلِكَ شَيْئًا، وَأَنْتَ تَدْعُو إِلَى الْهَلَكَةِ، فَنُذَكِّرُكَ اللهَ إِلَّا مَا أَعْفَيْتَنَا مِنْ نَفْسِكَ، فَقَالَ: وَاللهِ لَا أَفْعَلُ وَلَا يَخْتَبِزُهَا مُحَمَّدٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَلَا نَفْتَرِقُ نَحْنُ وَهَذِهِ الْجُمُوعُ حَتَّى نَهْلَكَ، وَقَالَ عَمْرُو بْنُ سَعْدٍ الْقُرَظِيُّ: يَا مَعْشَرَ يَهُودَ إِنَّكُمْ قَدْ حَالَفْتُمْ مُحَمَّدًا عَلَى مَا قَدْ عَلِمْتُمْ أَنْ لَا تَخُونُوهُ وَلَا تَنْصُرُوا عَلَيْهِ عَدُوًّا، وَأَنْ تَنْصُرُوهُ عَلَى مَنْ دَهَمَ يَثْرِبَ، فَأَوْفُوا عَلَى مَا عَاهَدْتُمُوهُ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَخَلُّوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدُوِّهِ وَاعْتَزِلُوهُمْ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِمْ حُيَيُّ حَتَّى شَامَهُمْ، فَاجْتَمَعَ ملأهم فِي الْغَدِ عَلَى أَمْرِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، غَيْرَ أَنَّ بَنِيَ شَعْيَةَ أَسَدًا وَأُسَيْدًا وَثَعْلَبَةَ خَرَجُوا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، زَعَمُوا وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَا حُيَيُّ انْطَلِقْ إِلَى أَصْحَابِكَ فَإِنَّا لَا نَأْمَنُهُمْ، فَإِنْ أَعْطَوْنَا مِنْ أَشْرَافِهِمْ مِنْ كُلِّ مَنْ جَاءَ مَعَهُمْ رَهْنًا فَكَانُوا عِنْدَنَا فَإِذَا نَهَضُوا لِقِتَالِ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ خَرَجْنَا نَحْنُ فَرَكِبْنَا أَكْتَافَهُمْ، فَإِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ فَاشْدُدِ الْعَقْدَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ، فَذَهَبَ حُيَيٌّ إِلَى قُرَيْشٍ فَعَاقَدُوهُ عَلَى أَنْ يَدْفَعُوا إِلَيْهِ السَّبْعِينَ وَمَزَّقُوا صَحِيفَةَ الْقَضِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَهُمْ، وَنَبَذُوا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَرْبِ وَتَحَصَّنُوا، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَبَّأَ أَصْحَابَهُ لِلْقِتَالِ وَقَدْ جَعَلَهُمُ الْمُشْرِكُونَ فِي مِثْلِ الْحِصْنِ بَيْنَ كَتَائِبِهِمْ فَحَاصَرُوُهُمْ قَرِيبًا مِنْ عِشْرِينَ لَيْلَةً وَأَخَذُوا بِكُلِّ نَاحِيَةٍ حَتَّى مَا يَدْرِي الرَّجُلُ أَتَمَّ صَلَاتَهُ أَمْ لَا وَوَجَّهُوا نحو منزل


[ (١٠) ] الزيادة من الدّرر.
[ (١١) ] في (أ) رسمت: «لم أُرِيَ» !